أَيَا عَيْنُ جُودِي وَلَا تَبْخَلِي ... بِدَمْعِكَ وَكْفًا وَلَا تَنْزُرِي

عَلَى سَيِّدٍ هَدَّنَا هُلْكُهُ ... كَرِيمِ الْمَشَاهِدِ وَالْعُنْصُرِيّ

عُبَيْدَةُ أَمْسَى وَلَا نَرْتَجِيـ ... ـهِ لِعُرْفٍ غَدَا وَلَا مُنْكَرِ

وَقَدْ كَانَ يَحْمِي عُدَاةَ الْقِتَا ... لِ حَامِيَةُ الْجَيْشِ بِالْمُبْتِرِ

ثُمَّ نَذَرَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ لِوَحْشِيٍّ نَذْرًا إنْ قَتَلَ حَمْزَةَ بِأَبِيهَا يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمَّا قَتَلَهُ بَقَرَتْ بَطْنَهُ وَلَاكَتْ كَبِدَهُ -رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ- وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ مِنَ السَّرِيعِ:

نَحْنُ جَزَيْنَاكُمْ بِيَوْمِ بَدْرِ ... وَالْحَرْبُ بَعْدَ الْحَرْبِ ذَاتُ سُعْرِ

مَا كَانَ عَنْ عُتْبَةَ لِي مِنْ صَبْرِ ... وَلَا أَخِي وَعَمِّهِ وَبَكْرِ

شَفَيْتُ نَفْسِي وَقَضَيْتُ نَذْرِي ... شَفَيْتَ وَحْشِيُّ غَلِيلَ صَدْرِي

فَشُكْرُ وَحْشِيٍّ عَلَيَّ عُمْرِي ... حَتَّى تُضَمَّ أَعْظُمِي فِي قَبْرِي

َهَذَا أَقَرَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقْرَبَ أَهْلِهِ إلَيْهِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْ مُبَارَزَةِ يَوْمِ بَدْرٍ مَعَ ضَنِّهِ بِهِمْ وَإِشْفَاقِهِ عَلَيْهِمْ، وَبَارَزَ أُبَيًّا بِنَفْسِهِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَأَذِنَ لِعَلِيٍّ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي حَرْبِ الْخَنْدَقِ وَالْخَطْبُ أَصْعُبُ، وَإِشْفَاقُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى عَلِيٍّ أَكْثَرُ، بَارَزَ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ1 لَمَّا دَعَا إلَى الْبِرَازِ أَوَّلَ يَوْمٍ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ دَعَا إلَى الْبِرَازِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ دَعَا إلَى الْبِرَازِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَقَالَ حِينَ رَأَى الْإِحْجَامَ عَنْهُ وَالْحَذَرَ مِنْهُ: يَا مُحَمَّدُ، أَلَسْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ قَتْلَاكُمْ فِي الْجَنَّةِ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، وَقَتْلَانَا فِي النَّارِ يُعَذَّبُون؟ فَمَا يُبَالِي أَحَدُكُمْ لِيُقْدُمَ عَلَى كَرَامَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوْ يُقَدِّمَ عَدُوًّا إلَى النَّارِ وَأَنْشَأَ يَقُولُ "مِنَ الْكَامِلِ":

وَلَقَدْ دَنَوْتُ إلَى النِّدَاءِ ... لِجَمْعِهِمْ هَلْ مِنْ مُبَارِز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015