فِي الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ فِي عَقْدِ هَذِهِ الْإِمَارَةِ، فَإِنْ كَانَ الْخَلِيفَةُ قَدْ تَوَلَّاهُ كَانَ

لِوَزِيرِ التَّفْوِيضِ عَلَيْهِ حَقُّ الْمُرَاعَاةِ وَالتَّصَفُّحِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْلُهُ وَلَا نَقْلُهُ مِنْ إقْلِيمٍ إلَى غَيْرِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْوَزِيرُ قَدْ تَفَرَّدَ بِتَقْلِيدِهِ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُقَلِّدَهُ عَنْ إذْنِ الْخَلِيفَةِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ عَزْلُهُ وَلَا نَقْلُهُ عَنْ عَمَلِهِ إلَى غَيْرِهِ إلَّا عَنْ إذْنِ الْخَلِيفَةِ وَأَمْرِهِ، وَلَوْ عُزِلَ الْوَزِيرُ لَمْ يَنْعَزِلْ هَذَا الْأَمِيرُ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يُقَلِّدَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَهُوَ نَائِبٌ عَنْهُ، فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِعَزْلِهِ وَالِاسْتِبْدَالِ بِهِ بِحَسَبِ مَا يُؤَدِّيهِ الِاجْتِهَادُ إلَيْهِ مِنْ النَّظَرِ فِي الْأَوْلَى وَالْأَصَحِّ.

وَلَوْ أَطْلَقَ الْوَزِيرُ تَقْلِيدَ هَذَا الْأَمِيرِ فَلَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ بِأَنَّهُ عَنْ الْخَلِيفَةِ وَلَا عَنْ نَفْسِهِ كَانَ التَّقْلِيدُ عَنْ نَفْسِهِ؛ وَلَهُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِعَزْلِهِ، وَمَتَى انْعَزَلَ الْوَزِيرُ انْعَزَلَ هَذَا الْأَمِيرُ، إلَّا أَنْ يُقَرَّ الْخَلِيفَةُ عَلَى إمَارَتِهِ، فَيَكُونَ ذَلِكَ تَجْدِيدَ وِلَايَةٍ وَاسْتِئْنَافَ تَقْلِيدٍ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي لَفْظِ الْعَقْدِ إلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ ابْتِدَاءُ الْعَقْدِ أَنْ يَقُولَ: قَدْ قَلَّدْتُكَ نَاحِيَةَ كَذَا إمَارَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَنَظَرًا عَلَى جَمِيعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا عَلَى تَفْصِيلٍ لَا يَدْخُلُهُ إجْمَالٌ وَلَا يَتَنَاوَلُهُ احْتِمَالٌ، فَإِذَا قَلَّدَ الْخَلِيفَةُ هَذِهِ الْإِمَارَةَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عَزْلٌ لِلْوَزِيرِ عَنْ تَصَفُّحِهَا وَمُرَاعَاتِهَا، وَإِذَا قَلَّدَ الْوَزَارَةَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عَزْلٌ لِهَذَا الْأَمِيرِ عَنْ إمَارَتِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ عُمُومُ التَّقْلِيدِ وَخُصُوصُهُ فِي الْوِلَايَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ كَانَ عُمُومُ التَّقْلِيدِ مَحْمُولًا فِي الْعُرْفِ عَلَى مُرَاعَاةِ الْأَخَصِّ وَتَصَفُّحِهِ، وَكَانَ خُصُوصُ التَّقْلِيدِ مَحْمُولًا عَلَى مُبَاشَرَةِ الْعَمَلِ وَتَنْفِيذِهِ.

وَيَجُوزُ لِهَذَا الْأَمِيرِ أَنْ يَسْتَوْزِرَ لِنَفْسِهِ وَزِيرَ تَنْفِيذٍ بِأَمْرِ الْخَلِيفَةِ وَبِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَوْزِرَ وَزِيرَ تَفْوِيضٍ إلَّا عَنْ إذْنِ الْخَلِيفَةِ وَأَمْرِه؛ ِ لِأَنَّ وَزِيرَ التَّنْفِيذِ مُعَيَّنٌ وَوَزِيرَ التَّفْوِيضِ مُسْتَبِدٌّ.

وَإِذَا أَرَادَ هَذَا الْأَمِيرُ أَنْ يَزِيدَ فِي أَرْزَاقِ1 جَيْشِهِ لِغَيْرِ سَبَبٍ لَمْ يَجُزْ لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِهْلَاكِ مَالٍ فِي غَيْرِ حَقٍّ، وَإِنْ زَادَهُمْ لِحُدُوثِ سَبَبٍ يَقْتَضِيهِ نُظِرَ فِي السَّبَبِ.

فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُرْجَى زَوَالُهُ لَا تَسْتَقِرُّ بِهِ الزِّيَادَةُ عَلَى التَّأْبِيدِ كَالزِّيَادَةِ لِغَلَاءِ سِعْرٍ، أَوْ حُدُوثِ حَدَثٍ، أَوْ نَفَقَةٍ فِي حَرْبٍ جَازَ لِلْأَمِيرِ أَنْ يَدْفَعَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يَلْزَمُهُ اسْتِثْمَارُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015