أَحَدُهُمَا: أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى الْخَلِيفَةِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ، فَيُرَاعِي فِيهِ سَبْعَةَ أَوْصَافٍ1:

أَحَدُهَا: الْأَمَانَةُ حَتَّى لَا يَخُونَ فِيمَا قَدْ اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ، وَلَا يَغُشَّ فِيمَا قَدْ اُسْتُنْصِحَ فِيهِ.

وَالثَّانِي: صِدْقُ اللَّهْجَةِ حَتَّى يُوثَقَ بِخَبَرِهِ فِيمَا يُؤَدِّيهِ، وَيُعْمَلَ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا يُنْهِيهِ.

وَالثَّالِثُ: قِلَّةُ الطَّمَعِ حَتَّى لَا يَرْتَشِيَ فِيمَا يَلِي، وَلَا يَنْخَدِعَ فَيَتَسَاهَلَ.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَسْلَمَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ مِنْ عَدَاوَةٍ وَشَحْنَاءَ، فَإِنَّ الْعَدَاوَةَ تَصُدُّ عَنِ التَّنَاصُفِ وَتَمْنَعُ مِنَ التَّعَاطُفِ.

وَالْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ ذُكُورًا لِمَا يُؤَدِّيهِ إلَى الْخَلِيفَةِ وَعَنْهُ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ لَهُ وَعَلَيْهِ.

وَالسَّادِسُ: الذَّكَاءُ وَالْفِطْنَةُ؛ حَتَّى لَا تُدَلَّسَ عَلَيْهِ الْأُمُورُ فَتَشْتَبِهَ، وَلَا تُمَوَّهَ عَلَيْهِ فَتَلْتَبِسَ، فَلَا يَصِحُّ مَعَ اشْتِبَاهِهَا عَزْمٌ، وَلَا يَصْلُحُ مَعَ الْتِبَاسِهَا حَزْمٌ، وَقَدْ أَفْصَحَ بِهَذَا الْوَصْفِ وَزِيرُ الْمَأْمُونِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزْدَادَ2؛ حَيْثُ يَقُولُ "مِنْ الطَّوِيلِ":

إصَابَةُ مَعْنَى الْمَرْءِ رُوحُ كَلَامِهِ ... فَإِنْ أَخْطَأَ الْمَعْنَى فَذَاكَ مَوَاتُ

إذَا غَابَ قَلْبُ الْمَرْءِ عَنْ حِفْظِ لَفْظِهِ ... فَيَقْظَتُهُ لِلْعَالَمِينَ سُبَاتُ

وَالسَّابِعُ: أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، فَيُخْرِجُهُ الْهَوَى مِنَ الْحَقِّ إلَى الْبَاطِلِ، وَيَتَدَلَّسُ عَلَيْهِ الْمُحِقُّ مِنَ الْمُبْطِلِ، فَإِنَّ الْهَوَى خَادِعُ الْأَلْبَابِ، وَصَارِفٌ لَهُ عَنِ الصَّوَابِ، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حُبُّكَ الشَّيْءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ".

قَالَ الشَّاعِرُ3 "مِنَ السَّرِيعِ":

إنَّا إذَا قَلَّتْ دَوَاعِي الْهَوَى ... وَأَنْصَتَ السَّامِعُ لِلْقَائِلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015