فصل:

وأمَّا تقدير العطاء فمعتبر بالكفاية حتى يستغني بها عن التماس مادة تقطعه عن حماية البيضة.

والكفاية معتبرة من ثلاثة أوجه:

أحدها: عدد من يعوله من الذراري والمماليك.

والثاني: عدد ما يرتبطه من الخيل والظهر.

والثالث: الموضع الذي يحله في الغلاء والرخص، فيقدَّر كفايته في نفقته وكسوته لعامه كله، فيكون هذا المقدر في عطائه، ثم تعرض حاله في كل عام، فإن زادت رواتبه الماسَّة زيد، وإن نقصت نقص.

واختلف الفقهاء إذا تقدَّر رزقه بالكفاية، هل يجوز أن يزاد عليها؟ فمنع الشافعي من زيادته على كفايته، وإن اتسع المال؛ لأنَّ أموال بيت المال لا توضع إلَّا في الحقوق اللازمة، وجوَّز أبو حنيفة زيادته على الكفاية إذا اتسع المال لها، ويكون وقت العطاء معلومًا يتوقَّعه الجيش عند الاستحقاق، وهو معتبر بالوقت الذي تستوفي فيه حقوق بيت المال، فإن كانت تستوفي في وقت واحد من السنة جعل العطاء في رأس كل سنة، وإن كانت تستوفي في وقتين جعل العطاء في كل سنة مرتين، وإن كانت تستوفي في كل شهر جعل العطاء في رأس كل شهر؛ ليكون المال مصروفًا إليهم عند حصوله، فلا يحبس عنهم إذا اجتمع، ولا يطالبون به إذا تأخَّر، وإذا تأخَّر عنهم العطاء عند استحقاقه وكان حاصلًا في بيت المال كان لهم المطالبة به كالديون المستحقة، وإن أعوز بيت المال لعوارض أبطلت حقوقه أو أخرتها كانت أرزاقهم دينًا على بيت المال، وليس لهم مطالبة وليّ الأمر به، كما ليس لصاحب الدَّيْن مطالبة من أعسر بدينه، وإذا أراد وليّ الأمر إسقاط بعض الجيش لسبب أوجبه، أو لعذر اقتضاه جاز، وإن كان لغير سبب لم يجز؛ لأنهم جيش المسلمين في الذبِّ عنهم.

وإذا أراد بعض الجيش إخراج نفسه من الديوان جاز مع الاستغناء عنه، ولم يجز من الحاجة إليه، إلَّا أن يكون معذورًا، وإذا جرّد الجيش لقتال فامتنعوا، وهم أكفاء من حاربهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015