مِنْ مَحْظُورِ شَجَرِهِ، فَيَضْمَنُ الشَّجَرَةَ الْكَبِيرَةَ بِبَقَرَةٍ، وَالشَّجَرَةَ الصَّغِيرَةَ بِشَاةٍ، وَالْغُصْنَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُسْقِطُهُ مِنْ ضَمَانِ أَصْلِهِ، وَلَا يَكُونُ مَا اسْتَخْلَفَ بَعْدَ قَطْعِ الْأَصْلِ مُسْقِطًا لِضَمَانِ الْأَصْلِ.
الْحُكْمُ الْخَامِسُ: أَنْ لَيْسَ لِجَمِيعِ مَنْ خَالَفَ دِينَ الْإِسْلَامِ مِنْ ذِمِّيٍّ أَوْ مُعَاهَدٍ أَنْ يَدْخُلَ الْحَرَمَ لَا مُقِيمًا فِيهِ وَلَا مَارًّا بِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ.
وَجَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ دُخُولَهُمْ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَسْتَوْطِنُوهُ، وَفِي قَوْله تعالى: {إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28] .
نَصٌّ يَمْنَعُ مَا عَدَاهُ، فَإِنْ دَخَلَهُ مُشْرِكٌ عُزِّرَ إنْ دَخَلَهُ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَلَمْ يَسْتَبِحْ قَتْلَهُ، وَإِنْ دَخَلَهُ بِإِذْنٍ لَمْ يُعَزَّرْ، وَأُنْكِرَ عَلَى الْآذِنِ لَهُ، وَعُزِّرَ إنِ اقْتَضَتْ حَالُهُ التَّعْزِيرَ، وَأُخْرِجَ مِنْهُ الْمُشْرِكُ آمِنًا، وَإِذَا أَرَادَ مُشْرِكٌ دُخُولَ الْحَرَمِ لِيُسْلِمَ فِيهِ مُنِعَ مِنْهُ حَتَّى يُسْلِمَ قَبْلَ دُخُولِهِ، وَإِذَا مَاتَ مُشْرِكٌ فِي الْحَرَمِ حَرُمَ دَفْنُهُ فِيهِ وَدُفِنَ فِي الْحِلِّ، فَإِنْ دُفِنَ فِي الْحَرَمِ نُقِلَ إلَى الْحِلِّ، إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ بَلِيَ فَيُتْرَكُ فِيهِ كَمَا تُرِكَتْ أَمْوَاتُ الْجَاهِلِيَّةِ. وَأَمَّا سَائِرُ الْمَسَاجِدِ فَيَجُوزُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُمْ فِي دُخُولِهَا مَا لَمْ يُقْصَدْ بِالدُّخُولِ اسْتِبْذَالُهَا بِأَكْلٍ أَوْ نَوْمٍ فَيُمْنَعُوا.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُمْ فِي دُخُولِهَا بِحَالٍ.