وَأَمْوَالُ الْفَيْءِ1 وَالْغَنَائِمِ2 مَا وَصَلَتْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَوْ كَانُوا سَبَبَ وُصُولِهَا.
وَيَخْتَلِفُ الْمَالَانِ فِي حُكْمِهِمَا، وَهُمَا مُخَالِفَانِ لِأَمْوَالِ الصَّدَقَاتِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: إنَّ الصَّدَقَاتِ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَطْهِيرًا لَهُمْ، وَالْفَيْءَ وَالْغَنِيمَةَ مَأْخُوذَانِ مِنَ الْكُفَّارِ انْتِقَامًا مِنْهُمْ.
وَالثَّانِي: إنَّ مَصْرِفَ الصَّدَقَاتِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، لَيْسَ لِلْأَئِمَّةِ اجْتِهَادٌ فِيهِ، وَفِي أَمْوَالِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ مَا يَقِفُ مَصْرِفُهُ عَلَى اجْتِهَادِ الْأَئِمَّةِ.
وَالثَّالِثُ: إنَّ أَمْوَالَ الصَّدَقَاتِ يَجُوزُ أَنْ يَنْفَرِدَ أَرْبَابُهَا بِقِسْمَتِهَا فِي أَهْلِهَا، وَلَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ أَنْ يَنْفَرِدُوا بِوَضْعِهِ فِي مُسْتَحِقِّهِ حَتَّى يَتَوَلَّاهُ أَهْلُ الِاجْتِهَادِ مِنَ الْوُلَاةِ.
وَالرَّابِعُ: اخْتِلَافُ الْمَصْرِفَيْنِ عَلَى مَا سَنُوَضِّحُ.
أَمَّا الْفَيْءُ وَالْغَنِيمَةُ فَهُمَا مُتَّفِقَانِ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَمُخْتَلِفَانِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
فَأَمَّا وَجْهَا اتِّفَاقِهِمَا فَأَحَدُهُمَا: إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَالَيْنِ وَاصِلٌ بِالْكُفْرِ.
وَالثَّانِي: إنَّ مَصْرِفَ خُمُسِهِمَا وَاحِدٌ.
وَأَمَّا وَجْهَا افْتِرَاقِهِمَا فَأَحَدُهُمَا: إنَّ مَالَ الْفَيْءِ مَأْخُوذٌ عَفْوًا، وَمَالَ الْغَنِيمَةِ مَأْخُوذٌ قَهْرًا.
وَالثَّانِي: إنَّ مَصْرِفَ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ مُخَالِفٌ الْغَنِيمَةَ لِمَصْرِفِ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ مَا سَنُوَضِّحُ -إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَسَنَبْدَأُ بِمَالِ الْفَيْءِ فَنَقُولُ: إنَّ كُلَّ مَالٍ وَصَلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَفْوًا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ، وَلَا بِإِيجَافِ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَهُوَ كَمَالِ الْهُدْنَةِ وَالْجِزْيَةِ وَأَعْشَارِ مَتَاجِرِهِمْ، أَوْ كَانَ وَاصِلًا بِسَبَبٍ