فَصْلٌ: "زكاة المعادن"
وَأَمَّا الْمَعَادِنُ فَهِيَ مِنَ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْهَا، فَأَوْجَبَهَا أَبُو حَنِيفَةَ فِي كُلِّ مَا يَنْطَبِعُ مِنْ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ وَصُفْرٍ وَنُحَاسٍ، وَأَسْقَطَهَا عَمَّا لَا يَنْطَبِعُ مِنْ مَائِعٍ وَحَجَرٍ؛ وَأَوْجَبَهَا أَبُو يُوسُفَ فِيمَا يُسْتَعْمَلُ مِنْهَا حُلِيًّا كَالْجَوَاهِرِ، وَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ تَجِبُ فِي مَعَادِنِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ خَاصَّةً إذَا بَلَغَ الْمَأْخُوذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ السَّبْكِ وَالتَّصْفِيَةِ نِصَابًا، فَفِي قَدْرِ الْمَأْخُوذِ مِنْ زَكَاتِهِ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ:
أَحَدُهَا: رُبُعُ الْعُشْرِ كَالْمُقْتَنَى مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: الْخُمْسُ كَالرِّكَازِ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: يُعْتَبَرُ حَالُهُ، فَإِنْ كَثُرَتْ مُؤْنَتُهُ فَفِيهِ رُبُعُ الْعُشْرِ، وَإِنْ قَلَّتْ مُؤْنَتُهُ فَفِيهِ الْخُمُسُ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ؛ لِأَنَّهَا فَائِدَةٌ تُزَكَّى لِوَقْتِهَا1.
أَمَّا الرِّكَازُ: فَهُوَ كُلُّ مَالٍ وُجِدَ مَدْفُونًا مِنْ ضَرْبِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي مَوَاتٍ أَوْ طَرِيقٍ سَابِلٍ، يَكُونُ لِوَاجِدِهِ، وَعَلَيْهِ خُمُسُهُ يُصْرَفُ فِي مَصْرِفِ الزَّكَاةِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ" 2 وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَاجِدُ الرِّكَازِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إظْهَارِهِ وَبَيْنَ إخْفَائِهِ، وَالْإِمَامُ إذَا ظَهَرَ لَهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِ الْخُمُسِ أَوْ تَرْكِهِ، وَمَا وُجِدَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ فَهُوَ فِي الظَّاهِرِ لِمَالِكِ الْأَرْضِ لَا حَقَّ فِيهِ لِوَاجِدِهِ، وَلَا شَيْءَ فِيهِ عَلَى مَالِكِهِ، إلَّا مَا يَجِبُ مِنْ زَكَاةٍ إنْ يَكُنْ قَدْ أَدَّاهَا عَنْهُ، وَمَا وُجِدَ