وَالْمَالُ الثَّالِثُ: الزُّرُوعُ:
أَوْجَبَ أَبُو حَنِيفَةَ الزَّكَاةَ فِي جَمِيعِهَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَجِبُ إلَّا فِيمَا زَرَعَهُ الْآدَمِيُّونَ قُوتًا مُدَّخَرًا، وَلَا تَجِبُ عِنْدَهُ فِي الْبُقُولِ وَالْخُضَرِ، وَلَا تَجِبُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِيهِمَا، وَلَا فِيمَا لَا يُؤْكَلُ مِنَ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ، وَلَا فِيمَا يَزْرَعُهُ الْآدَمِيُّونَ مِنْ نَبَاتِ الْأَوْدِيَةِ وَالْجِبَالِ، وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ عِنْدَهُ مِنْ عَشَرَةِ أَنْوَاعٍ: الْبُرُّ، وَالشَّعِيرُ، وَالْأَرُزُّ، وَالذُّرَةُ، وَالْبَاقِلَّاءُ، وَاللُّوبْيَاءُ، وَالْحِمَّصُ، وَالْعَدَسُ، وَالدُّخْنُ، وَالْجُلُبَّانُ.
فَأَمَّا الْعَلَسُ: فَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْبُرِّ يُضَمُّ إلَيْهِ، وَعَلَيْهِ قِشْرَتَانِ، لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ بِقِشْرَتِهِ إلَّا إذَا بَلَغَ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، وَكَذَلِكَ الْأَرُزُّ فِي قِشْرَتِهِ، وَأَمَّا السُّلْتُ فَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الشَّعِيرِ يُضَمُّ إلَيْهِ، وَالْجَاوَرْسُ: نَوْعٌ مِنَ الدُّخْنِ يُضَمُّ إلَيْهِ، وَمَا عَدَاهُمَا أَجْنَاسٌ لَا يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى غَيْرِهِ، وَضَمَّ مَالِكٌ الشَّعِيرَ إلَى الْحِنْطَةِ، وَضَمَّ مَا سِوَاهُمَا مِنَ الْقُطْنِيَّاتِ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ.
وَزَكَاةُ الزَّرْعِ تَجِبُ فِيهِ بَعْدَ قُوَّتِهِ وَاشْتِدَادِهِ، وَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ دِيَاسِهِ وَتَصْفِيَتِهِ إذَا بَلَغَ النِّصْفَ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، وَلَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَهَا، وَأَوْجَبَهَا أَبُو حَنِيفَةَ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ إِذَا جَزَّ الْمَالِكُ زَرْعَهُ بَقْلًا أَوْ قَصِيلًا لَمْ تَجِبْ زَكَاتُهُ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ فِرَارًا مِنَ الزَّكَاةِ؛ وَلَا يُكْرَهُ إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ1.