وَالْمُزَنِيُّ: تَنْعَقِدُ بِأَرْبَعَةٍ أَحَدُهُمْ الْإِمَامُ، وَقَالَ اللَّيْثُ1 وَأَبُو يُوسُفَ: تَنْعَقِدُ بِثَلَاثَةٍ أَحَدُهُمْ الْإِمَامُ.
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ2: تَنْعَقِدُ بِاثْنَيْنِ كَسَائِرِ الْجَمَاعَاتِ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا اعْتِبَارَ بِالْعَدَدِ فِي انْعِقَادِهَا، وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ أَنْ يَكُونُوا عَدَدًا تُبْنَى لَهُ الْأَوْطَانُ غَالِبًا.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُقَامَ الْجُمُعَةُ فِي السَّفَرِ وَلَا خَارِجَ الْمِصْرِ إلَّا أَنْ يَتَّصِلَ بِنَاؤُهُ.
وَإِذَا كَانَ الْمِصْرُ جَامِعًا لِقُرًى قَدِ اتَّصَلَ بِنَاؤُهَا حَتَّى اتَّسَعَ بِكَثْرَةٍ كَبَغْدَادَ، جَازَ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِي مَوَاضِعِهِ الْقَدِيمَةِ، وَلَا يَمْنَعُ اتِّصَالُ الْبُنْيَانِ مِنْ إقَامَتِهَا فِي مَوَاضِعِهَا.
وَإِنْ كَانَ الْمِصْرُ وَاحِدًا فِي مَوْضُوعِ الْأَصْلِ وَجَامِعُهُ يَسَعُ جَمِيعَ أَهْلِهِ كَمَكَّةَ، لَمْ يَجُزْ أَنْ تُقَامَ الْجُمُعَةُ فِيهِ إلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنْهُ.
وَإِنْ كَانَ الْمِصْرُ وَاحِدًا مُتَّصِلَ الْأَبْنِيَةِ لَا يَسَعُ جَامِعُهُ جَمِيعَ أَهْلِهِ لِكَثْرَتِهِمْ كَالْبَصْرَةِ، فَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِي جَوَازِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْهُ لِلضَّرُورَةِ بِكَثْرَةِ أَهْلِهِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى جَوَازِهَا، وَأَبَاهُ آخَرُونَ وَقَالُوا: إنْ ضَاقَ بِهِمْ اتَّسَعَتْ لَهُمْ الطُّرُقَاتُ، فَلَمْ يُضْطَرُّوا إلَى تَفْرِيقِ الْجُمُعَةِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهُ.