وَلَوْ قَصَدَ النَّاسُ فِي الْحَجِّ التَّقَدُّمَ عَلَى إمامتهم فيه أو التأخر فيه جَازَ وَإِنْ كَانَتْ مُخَالَفَةُ الْمَتْبُوعِ مَكْرُوهَةً، وَلَوْ قصدوا مخالفته في الصلاة فسدت عليهم، لِارْتِبَاطِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ، وَانْفِصَالِ حَجِّ الناس عن حج الإمام.
الزكاة تجب في الأموال المرصدة للنماء، إما بنفسها وإما بِالْعَمَلِ فِيهَا، طُهْرَةً لِأَهْلِهَا، وَمَعُونَةً لِأَهْلِ السَّهْمَانِ. وَالْأَمْوَالُ الْمُزَكَّاةُ ضَرْبَانِ: ظَاهِرَةٌ وَبَاطِنَةٌ. فَالظَّاهِرَةُ: مَا لا يمكن إخفاؤه: من الزروع، وَالثِّمَارِ، وَالْمَوَاشِي.
وَالْبَاطِنَةُ: مَا أَمْكَنَ إخْفَاؤُهُ: مِنْ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ. وَلَيْسَ لِوَالِي الصَّدَقَاتِ نظر في زكاة المال الباطني، وَأَرْبَابُهُ أَحَقُّ بِإِخْرَاجِ زَكَاتِهِ مِنْهُ، إلَّا أَنْ يَبْذُلَهَا أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ طَوْعًا، فَيَقْبَلُهَا مِنْهُمْ، وَيَكُونُ في تفرقتها عونا لهم، ونظره مخصوص بزكاة المال الظاهر، يؤمر أرباب الأموال بدفعها إليه إذا طلبها، فإن لم يطلبها جاز دفعها إليه. والأفضل أن يتولى أرباب المال تفرقتها بأنفسهم، نص عليه، فإن طالبهم الإمام بدفعها إليه فامتنعوا من ذلك وأجابوا إلى إخراجها بأنفسهم لم يكن له قتالهم، والمنصوص عليه في قتالهم: إذا منعوا إخراجها في رواية منصور، والمروذي، والميموني، والأثرم. وَالشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي هَذِهِ الْوِلَايَةِ: أَنْ يَكُونَ مسلما، عدلا، عَالِمًا بِأَحْكَامِ الزَّكَاةِ ' إنْ كَانَ مِنْ عُمَّالِ التفويض. وقد قال في رواية أبي طالب - وقد سأله: يستعمل اليهودي والنصراني في أعمال المسلمين مثل الخراج؟ - فقال " لا يستعان بهم في شيء". وَإِنْ كَانَ مُنَفِّذًا قَدْ عَيَّنَهُ الْإِمَامُ عَلَى قَدْرٍ يَأْخُذُهُ، جَازَ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَا. وَيَجُوزُ أَنْ يَتَقَلَّدَهَا مَنْ تحرم عليه الصدقات من ذوي القربى، والعبيد، ويكون رزقه منها، لأن ما يأخذه أجرة زكاة، ولهذا يتقدر بقدر عمله. وقد قال الخرقي " ولا تدفع الصدقة لبني هاشم، ولا لكافر ولا لعبد، إلا أن يكونوا من العاملين عليها فيعطون بحق ما عملوا ".