الثامن: أَنْ يُصْلِحَ بَيْنَ الْمُتَشَاجِرِينَ، وَيُتَوَسَّطَ بَيْنَ الْمُتَنَازِعِينَ، وَلَا يَتَعَرَّضَ لِلْحُكْمِ بَيْنَهُمْ إجْبَارًا، إلَّا أَنْ يفوض إليه الحكم، فَيُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِهِ. فَيَجُوزُ له حينئذ أن يحكم بَيْنَهُمْ، فَإِنْ دَخَلُوا بَلَدًا فِيهِ حَاكِمٌ جَازَ له ولحاكم البلد أن يحك بَيْنَهُمْ، فَأَيُّهُمَا حَكَمَ نَفَذَ حُكْمُهُ، وَلَوْ كَانَ التنازع بين أحد الحجيج وأهل البلد لم يحكم بينهما إلا حاكم البلد. التاسع: أن يقوم زائغهم، ويؤدب جانبهم، ولا يتجاوز التعزير إلى حد، إلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ فِيهِ فَيَسْتَوْفِيَهُ إذَا كان من أهل الاجتهاد، فَإِنْ دَخَلَ بَلَدًا فِيهِ مَنْ يَتَوَلَّى إقَامَةَ الْحُدُودِ عَلَى أَهْلِهِ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ مَا أَتَاهُ الْمَحْدُودُ قَبْلَ دُخُولِ الْبَلَدِ، فَوَالِي الْحَجِيجِ أَوْلَى بِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ مِنْ وَالِي الْبَلَدِ، وَإِنْ كَانَ مَا أَتَاهُ الْمَحْدُودُ فِي الْبَلَدِ، فَوَالِي الْبَلَدِ أَوْلَى بِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ مِنْ والي الحجيج. العاشر: أَنْ يُرَاعِيَ اتِّسَاعَ الْوَقْتِ حَتَّى يُؤْمَنَ الْفَوَاتَ، وَلَا يُلْجِئَهُمْ ضِيقُهُ إلَى الْحَثِّ فِي السَّيْرِ. فَإِذَا وَصَلَ إلَى الْمِيقَاتِ أَمْهَلَهُمْ لِلْإِحْرَامِ وَإِقَامَةِ سُنَنِهِ، فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا عَدَلَ بِهِمْ إلَى مَكَّةَ لِيَخْرُجُوا مَعَ أَهْلِهَا إلَى الْمَوَاقِفِ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ ضَيِّقًا عَدَلَ بِهِمْ عَنْ مَكَّةَ إلَى عَرَفَةَ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِهَا فَيَفُوتَ الْحَجُّ بِهَا، فَإِنَّ زَمَانَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ مَا بَيْنَ زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ إلَى طلوع الفجر مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، فَمَنْ أَدْرَكَ الْوُقُوفَ بِهَا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا الزَّمَانِ، مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ، وَإِنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِهَا حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِ النحر فقد فاته الحج ويتحلل بعمرة. وقيل: يصير إحرامه بالفوات عمرة، جبرة بدم، وقضاة في العالم المقبل إن أمكن، وفيما بعد إن تعذر عليه.