وقال في رواية حنبل " وإذا اختلفا في الإمامة يقرع بينهما، على ما فعل سعد". وقد قيل: يعمل على قول الأكثر، وقد أومأ إليه أحمد في رواية صالح والمروذي: في الإمام إذا كرهه قوم ورضي به قوم، فإن أكثرهم قد رضي به يؤمهم. فاعتبر رضا الأكثر في الواحد اختلفوا فيه. فعلى هذه الرواية: إن تكافأ المختلفون احتمل القرعة، واحتمل أن يختار السُّلْطَانُ لَهُمْ - قَطْعًا لِتَشَاجُرِهِمْ - مَنْ هُوَ أَدْيَنُ وأسنّ وأقرأ فيه. وَهَلْ يَكُونُ اخْتِيَارُهُ مَقْصُورًا عَلَى الْعَدَدِ الْمُخْتَلَفِ فيهم، أو يكون عاما في أهل المسجد! يحتمل أن يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَى ذَلِكَ الْعَدَدِ الْمُخْتَلِفِ فِي اختيار أَحَدُهُمْ، وَلَا يَتَعَدَّاهُمْ إلَى غَيْرِهِمْ، لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ترك من عداهم.
ويحتمل أن يَخْتَارُ مِنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ مَنْ يَرَاهُ لإمامته، لأن السلطان لا يضيق عليه الاختيار. فإن بَنَى رَجُلٌ مَسْجِدًا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْإِمَامَةَ فِيهِ، وكان هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْ جِيرَانِ الْمَسْجِدِ سَوَاءً فِي إمامته، وأذانه، نص عليه في رواية حرب ويعقوب بن بختان. وقد سئل عن المؤذن وما رضيه أهل المسجد، أو الذي بنى المسجد؟ فقال: "هو ما رضيه أهل المسجد، ليس الذي بناه". فإن حضر جماعة بمنزل، رَجُلٍ لِلصَّلَاةِ فِيهِ، كَانَ مَالِكُ الْمَنْزِلِ أَحَقَّهُمْ بِالْإِمَامَةِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ دُونَهُمْ فِي الْفَضْلِ. فإن حضر السلطان كان أحق من المالك، لعموم ولايته عليه، ولهذا يقدم على الولي في صلاة الجنازة. صـ 99 وأما الإمامة في صلاة الجمعة فقد اختلفت الرواية عن أحمد في وجوب تقليدها فروي عنه أن التقليد فيها ندب، وحضور السلطان فيها ليس بشرط، وإن أقامها الناس على شروطها انعقدت وصحت.