قد روى عن أحمد ألفاظ تقتضي المنع. فقال في رواية عبد الله: في رجل بنى في داره حماما أوحشا يضر بجاره أكرهه، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ضرر ولا ضرار". وكذلك قال في رواية ابن منصور " لا يضر بجاره، يحفر إلى جنب بئره كنيفا أو بئرا إلى جنب حائطه وإن كان في حده". وكذلك قال في رواية أبي طالب " لا يجعل في داره حماما يؤذي جاره، ولا يحفر بئرا إلى بئره". والخلاف في هذه المسألة وفيما قبلها سواء وقد اختلفت الرواية عنه فيمن احتفر بئرا إلى جنب جاره فنضب ماء الأولة وغار هل يطم عليه؟ على روايتين: نقل الحسن بن ثواب عنه " لا تطم" وعلل بأن هذه في ملك صاحبها. ونقل الميموني " تطم" فيخرج في هذه الرواية روايتان.

وَإِذَا تَعَدَّى مُسْتَأْجِرٌ عَلَى أَجِيرٍ فِي نُقْصَانِ أجر أو استزادة علم كَفَّهُ عَنْ تَعَدِّيهِ وَكَانَ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ مُعْتَبَرًا بِشَوَاهِدِ حَالِهِ. وَلَوْ قَصَّرَ الْأَجِيرُ فِي حَقِّ المستأجر فنقصه عن الْعَمَلِ، أَوْ اسْتَزَادَهُ فِي الْأُجْرَةِ مَنَعَهُ مِنْهُ وأنكره عليه إذا تخاصموا إليه. فإن اختلفوا أو تناكروا وكان الْحَاكِمُ بِالنَّظَرِ بَيْنَهُمَا أَحَقَّ. وَمِمَّا يُؤْخَذُ وُلَاةُ الحسبة بمراعاته من أخل الصَّنَائِعِ فِي الْأَسْوَاقِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ مِنْهُمْ مَنْ يراعي عمله في الوفاء والتقصير. ومنهم من يراعي حاله في الْأَمَانَةِ وَالْخِيَانَةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُرَاعِي عَمَلَهُ فِي الجودة والرداءة. فأما من يراعي عَمَلِهِ فِي الْوُفُورِ وَالتَّقْصِيرِ فَكَالطَّبِيبِ وَالْمُعَلِّمِينَ، لِأَنَّ الطب إقدام عَلَى النُّفُوسِ، يُفْضِي التَّقْصِيرُ فِيهِ إلَى تَلَفٍ أوسقم. وللمعلمين الطرائق التي ينشأ الصغار عليها، ليكون نقلهم عنه بَعْدَ الْكِبَرِ عَسِيرًا، فَيُقَرُّ مِنْهُمْ مَنْ تَوَفَّرَ علمه، وحسنت طريقته، ويمنع، من قصر أو أساء مِنْ التَّصَدِّي لِمَا يُفْسِدُ بِهِ النُّفُوسَ، وَتَخْبُثُ به الآداب. وقد قال أحمد في رواية حرب: في الطبيب والبيطار " إذا علم أنه طبيب فلا يضمن " فإن لم يكن طبيبا فكأنه رأى عليه الضمان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015