الوزارتين. [تقليد الإمارة] وَإِذَا قَلَّدَ الْخَلِيفَةُ أَمِيرًا عَلَى إقْلِيمٍ أَوْ بلد، نظرت، فإن كانت إمارته عامة - وهو أَنْ يُفَوِّضَ إلَيْهِ الْخَلِيفَةُ إمَارَةَ بَلَدٍ أَوْ إقْلِيمٍ، وِلَايَةً عَلَى جَمِيعِ أَهْلِهِ، وَنَظَرًا فِي الْمَعْهُودِ مِنْ سَائِرِ أَعْمَالِهِ - فَيَصِيرُ عَامَّ النَّظَرِ فيما كان محدوداً من عمله. ويشمل نَظَرُهُ فِيهِ عَلَى سَبْعَةِ أُمُورٍ: أَحَدُهَا: النَّظَرُ في تدبير الجيش، وترتبيهم فِي النَّوَاحِي، وَتَقْدِيرِ أَرْزَاقِهِمْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الخليفة قدّرها. الثاني: النظر في الأحكام، وتقليد القضاة والحكام.
وقد نقل إسحاق بن إبراهيم عن أحمد في القوم يغزون مع الأمير أمر عليهم، فأمر ذلك الأمير أمراً آخر، فقال: "إذا كان صاحبه أمره بذلك فلا بأس". ظاهر هذا: أنه إذا لم يأمره لم يجز. وهذا محمول على إمارة خاصة، ويأتي شرحها. الثالث: جباية الخراج، وقبض الصدقات، وتقليد العمال، وتفريق ما يستحق منها. الرابع: حماية الحريم، والذب عن البيضة، ومراعاة الدين، من تغيير أو تبديل. الخامس: إقامة الحدود في تحق الله تعالى وحقوق الآدميين. السادس: الإمامة في الجمع والجماعات، حتى يقوم بها، أو يستخلف عليها. السابع: تسيير الحجيج من عمله، ومن غَيْرِ أَهْلِهِ، حَتَّى يَتَوَجَّهُوا مُعَانِينَ عَلَيْهِ. فَإِنْ كان هذا الإقليم ثغراً متاخما للعدو جاهد مَنْ يَلِيهِ مِنْ الْأَعْدَاءِ، وَقَسْمُ غَنَائِمِهِمْ فِي المقاتلة، وأخذ خمسها لأهل الخمس. ويعتبر في هذه الإمارة الشروط المعتبرة في وزارة التفويض. ثُمَّ يَنْظُرُ فِي عَقْدِ هَذِهِ الْإِمَارَةِ، فَإِنْ كَانَ الْخَلِيفَةُ قَدْ تَوَلَّاهُ، كَانَ لِوَزِيرِ التَّفْوِيضِ عليه حق المراعاة والتصفح. وإن لم يَكُنْ لَهُ عَزْلُهُ، وَلَا نَقْلُهُ مِنْ إقْلِيمٍ إلى إقليم غَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ الْوَزِيرُ قَدْ تَفَرَّدَ بِتَقْلِيدِهِ، نظرت فإن قلده عن الخليفة لم يجز له عزله ولا نقله من عمل إلى غيره، إلا عن إذن الخليفة. وَلَوْ عُزِلَ الْوَزِيرُ لَمْ يَنْعَزِلْ هَذَا الْأَمِيرُ، وإن قلده عَنْ نَفْسِهِ فَهُوَ نَائِبٌ عَنْهُ، فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِعَزْلِهِ وَالِاسْتِبْدَالِ بِهِ، بِحَسَبِ مَا يؤديه الاجتهاد إليه من النظر في الأصلح. ولو أطلق تَقْلِيدَ هَذَا الْأَمِيرِ، فَلَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ بِأَنَّهُ عن نفسه ولا عن الخليفة، كَانَ التَّقْلِيدُ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَهُ أَنْ يَنْفَرِدَ بعزله، متى عزل الوزير انعزل هذا الأمير، إلا أن يقرّه الخليفة