فَهَذَا مَا جَرَى فِي أَرْضِ السَّوَادِ. وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ الْحُكْمُ: أَنَّ خَرَاجَهَا هُوَ الْمَضْرُوبُ عَلَيْهَا أولا، وتغييره إلى المقاسمة إذا كان سبب حادث اقتضاه اجتهاد الأئمة أمضي مع بقاء سببه. وأعيد إلَى حَالِهِ الْأَوَّلِ عِنْدَ زَوَالِ سَبَبِهِ، إذْ ليس للإمام أن ينقض اجتهاده من تقدمه. فأما تضمين العمال لأموال الخراج والعشر فَبَاطِلٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي الشَّرْعِ حُكْمٌ، لأن العامل مؤتمن ليستوفي مَا وَجَبَ وَيُؤَدِّي مَا حَصَلَ، فَهُوَ كَالْوَكِيلِ الَّذِي إذَا أَدَّى الْأَمَانَةَ لَمْ يَضْمَنْ نُقْصَانًا ولم يملك زيادة، وضمان الأموال بمقدار معلوم يقتضي الاقتصاد عَلَيْهِ فِي تَمَلُّكِ مَا زَادَ، وَغُرْمِ مَا نقص وهذا مناف لموضوع العمالة وحكم الأمانة فبطل. وقد نبه أحمد رحمه الله على معنى هذا في رواية أبي طالب: في الذي يتقبل الآجام لا يدري ما فيها، والطسوج يتقبله لا يدري ما فيه من الطعام فهو أشر ما يكون.

وكذلك قال في رواية حرب - وقد سئل عن تفسير حديث ابن عمر " القبالات ربا". قال: هو أن يتقبل بالقربة وفيها العلوج والنخل. ولفظ الحديث رواه سفيان عن الأعمش عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن ابن عمر " القبالة ربا " فسماه ربا. ومعناه: حكمه حكم الربا في البطلان وفساد العقد. وعن ابن عباس قال " إياكم والربا. وإياكم أيجعل الغل الذي جعل الله في أعناقهم في أعناقكم. ألا وهي القبالات، وهي الذل والصغار".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015