وقال آخرون: لأن الأعاجم كرهوا نقصها، فسميت مكروهة.

ثم تولى بَعْدَ الْحَجَّاجِ عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ فِي أَيَّامِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَضَرَبَهَا أَجْوَدَ مِمَّا كانت. ثم تولى بَعْدَهُ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ فَشَدَّدَ فِي تَجْوِيدِهَا. وَضَرَبَ بَعْدَهُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ، فأفرط في التشديد فيها والتجويد، وكانت الهبيرية والخالدية واليوسفية أجود نقود بني أمية. وكان المنصور لا يأخذ في الخراج من الدراهم غيرها. وحكي يحيى بن النعمان عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ أَوَّلَ مَنْ ضَرَبَ الدَّرَاهِمَ مصعب بن الزبير عن أمر عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ سَنَةَ سَبْعِينَ، عَلَى ضرب الأكاسرة، وعليها " بركة" من جانب و "الله" من جانب. ثم غيرها بَعْدَ سَنَةٍ وَكَتَبَ عَلَيْهَا " بِسْمِ اللَّهِ" فِي جانب و " الحجاج " في جانب وقد قال أحمد في رواية محمد بن عبد الله المنادي " ليس لأهل الإسلام أن يضربوا إلا جيدا". وذاك أنه كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعاملون بدراهم العجم، فكان إذا زافت عليهم أتوا بها السوق. فقالوا: من يبيعنا بهذه. وذاك أنه لم يضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي، ولا معاوية. وَإِذَا خَلَصَ الْعَيْنُ وَالْوَرِقُ مِنْ غِشٍّ كَانَ هُوَ الْمُعْتَبَرَ فِي النُّقُودِ الْمُسْتَحَقَّةِ. وَالْمَطْبُوعِ مِنْهَا بالسكة السلطانية الموثوق بسلامة طبعها، المأمون من تبديلها وتلبيسها هي المستحقة، دُونَ نِقَارِ الْفِضَّةِ وَسَبَائِكِ الذَّهَبِ، لِأَنَّهُ لَا يوثق بهما إلا بالسبك وَالتَّصْفِيَةِ. وَالْمَطْبُوعُ مَوْثُوقٌ بِهِ. وَلِذَلِكَ كَانَ هُوَ الثَّابِتَ فِي الذِّمَمِ فِيمَا يُطْلَقُ مِنْ أَثْمَانِ الْمَبِيعَاتِ، وَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ. وَلَوْ كَانَتْ الْمَطْبُوعَاتُ مُخْتَلِفَةَ القيم مَعَ اتِّفَاقِهَا فِي الْجَوْدَةِ فَطَالَبَ عَامِلُ الْخَرَاجِ بأعلاها قيمة نظر، فإن كانت من ضرب سلطان الوقت أجيب إليها، لِأَنَّ فِي الْعُدُولِ عَنْ ضَرْبِهِ مُبَايَنَةً لَهُ في الطاعة. وإن كانت من ضرب غيره نظر، فإن كانت هي المأخوذة في خراج من تقدمه. أجيب إليها استصحابا لما تقدم. وإن لم تكن مأخوذه فيما كانت المطالبة بها عبثا وحيفا.

وقد قال أحمد، في رواية جعفر بن محمد " لا يصلح ضرب الدراهم إلا في دار الضرب بإذن السلطان، لأن الناس إن رخص لهم ركبوا العظائم". فقد منع من الضرب بغير إذن سلطان لما فيه من الافتيات عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015