فجوابه: أن يقال: هذا من المجازفة، ولا شك أن الأحاديث الثابتة في خروج المهدي خالية من الشبهة ومن الكذب، وقد تقدم إيرادها في أول الكتاب فلتراجع (?)، وذكرت أيضًا أقوال المحققين في تصحيحها، وقول عدد منهم أنها متواترة، فليراجع أيضًا (?).
وأما قوله: وحاشا أن يفرض رسول الله على أمته الإيمان برجل من بني آدم مجهول في عالم الغيب، لا يعلم زمانه ولا مكانه، وهو ليس بملك مقرب ولا نبي مرسل، ولن يأتي بدين جديد من ربه مما يوجب الإيمان به.
فجوابه: أن يقال: قد ذكر ابن محمود أكثر هذا الكلام في صفحة (6)، وتقدم الجواب عنه فليراجع (?).
وأما قوله: لا يعلم زمانه ولا مكانه.
فجوابه من وجهين؛ أحدهما: أن يقال: ليس من شرط الإيمان بخروج المهدي أن يعلم المؤمن بزمانه ومكانه، بل يجب الإيمان بما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه وإن لم يعلم المؤمن بزمانه ومكانه، وكذلك ما أخبر الله به ورسوله - صلى الله عليه وسلم - عن بعض الماضين من الأنبياء وغيرهم، ممن لم يذكر الله ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم - زمانهم ولا مكانهم، فإنه يجب الإيمان بما أخبر الله به ورسوله - صلى الله عليه وسلم - عنهم وإن لم يعلم المؤمن بزمانهم ومكانهم.
وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بخروج القحطاني والجهجاه في آخر الزمان، وأخبر أيضًا بالخليفة الذي يكون في آخر الزمان يحثو المال حثوًا ولا يعده عدا، ولم يخبر بزمان هؤلاء ولا مكانهم، فهل يؤمن ابن محمود بخروجهم في آخر الزمان وإن لم يعلم بزمانهم ولا مكانهم، أم يقول إنه لا يجب الإيمان بخروجهم من أجل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخبر بزمانهم ولا مكانهم؟! فإن آمن بخروجهم طولب بالفرق بينهم وبين المهدي، ولن يجد إلى الفرق الصحيح سبيلا، وإن لم يؤمن بخروجهم فما أعظم ذلك وأبشعه؛ لما فيه من رد الأحاديث الثابت بعضها في الصحيحين وبعضها في صحيح مسلم، ولو كان في العلم بزمان المهدي ومكانه فائدة تعود على المكلفين في أمر دينهم أو ................