فصل
قال ابن محمود في عنوان رسالته ما نصه: "لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر".
والجواب: أن يقال هذا كلام باطل مردود بالأدلة من الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقول الله -تعالى- في صفة رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، وقوله -تعالى-: {قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي}، وقوله: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ}، وقوله -تعالى-: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}.
وأما السنة ففي عدة أحاديث؛ الأول منها ما رواه الإمام أحمد، وأهل السنن، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه من حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ» قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم والذهبي.
قال ابن الأثير في الكلام على هذا الحديث في "النهاية": "المهدي الذي قد هداه الله إلى الحق، وقد استعمل في الأسماء حتى صار كالأسماء الغالبة، وبه سمي المهدي الذي بشر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يجيء في آخر الزمان، ويريد بالخلفاء المهديين أبا بكر وعمر وعثمان وعليًا -رضي الله عنهم-، وإن كان عامًا في كل من سار سيرتهم" انتهى.
قلت: وفي هذا الحديث الصحيح أبلغ رد على من زعم أنه لا مهدي بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وما أدري ماذا يكون موقف ابن محمود من هذا الحديث، إذ لا بد له من أحد أمرين؛ إما أنن يقول أن الخلفاء الأربعة ليسوا بمهديين، وما أعظم ذلك لما يترتب عليه من تكذيب النبي - صلى الله عليه وسلم - والرد لقوله الثابت، ولا يظن بابن محمود أن يقول بهذا القول الوخيم ما دام معه بقية من عقل ودين. وإما أن يعترف أن الخلفاء الأربعة أئمة مهديون، وبهذا ينتقض قوله في عنوان رسالته أنه لا مهدي بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
الحديث الثاني: قال الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده: حدثنا سفيان بن عيينة حدثنا عاصم - يعني ابن أبي النجود - عن زر عن عبد الله - يعني ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقوم الساعة حتى يلي رجل من أهل