فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة»، وقد رواه الحارث بن أبي أسامة من حديث وهب بن منبه، عن جابر -رضي الله عنه- وفيه: «فيقول أميرهم المهدي تعال صل بنا»، وذكر بقية الحديث بنحوه. قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في "المنار المنيف": "إسناده جيد". ففي هذا الحديث الصحيح أن المهدي هو الذي يقول لعيسى ابن مريم -عليهما الصلاة والسلام-: تعال صل بنا، وأن عيسى يقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء.
فأما قول ابن محمود: ومهدي يقال له بحضرة نبي الله عيسى صل أيها الأمير، فيقول كل إنسان أمير نفسه.
فجوابه: أن يقال: هذا اللفظ لم يرد في شيء من الأحاديث الواردة في المهدي ونزول عيسى ابن مريم -عليهما الصلاة والسلام-، وإنما أتى به ابن محمود من كيسه، وهو من تحريف الكلم عن مواضعه.
وأما قوله: فهذه وما هو أكثر منها، مما جعلت المحققين من العلماء يوقنون بأنها موضوعة على لسان رسول الله، وأنها لم تخرج من مشكاة نبوته، وليست من كلامه، فلا يجوز النظر فيها، فضلا عن تصديقها.
فجوابه من وجهين؛ أحدهما: أن يقال: أما الأئمة المحققون على الحقيقة؛ ومنهم الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والعقيلي، والبيهقي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والذهبي، والهيثمي، فإنهم قد صححوا بعض الأحاديث الواردة في المهدي، وقد تقدم بيان ذلك في أول الكتاب وفي الفصل الثاني منه (?)، وقد نص على صحة بعضها كثير من المتأخرين؛ ومنهم ابن حجر الهيتمي، والشوكاني، وصديق بن حسن وغيرهم، وذكر غير واحد من العلماء أنها متواترة، وقد تقدم بيان ذلك فليراجع (?).
وأما المتحذلقون من العصريين، وهم الذين تجرءوا على رد الأحاديث الثابتة في المهدي، وزعموا أنها موضوعة على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فليسوا أهل تحقيق في الحديث، وإنما يخبطون خبط عشواء، فما وافق أفكارهم أو أفكار من يعظمونه من الغربيين وأذناب الغربيين قبلوه ولو كان ضعيفًا أو موضوعا، وما خالف أفكارهم أو