قد ظهروا على الناس من جميع النواحي والجبال والبحار، وإنهم قد تحركوا في وقعة مؤتة، وإن هذا هو مبدأ تحركهم لقتال المسلمين والخروج عليهم، فكل هذا من التخرص واتباع الظن وليس لذلك حقيقة البتة.
ومن ذلك قوله في صفحة (78): "ولم يزالوا في ازدياد وظهور على الناس حتى وصل الأمر إلى هذه الحالة المشاهدة".
وأقول: لا صحة لما ذكره ههنا، ولم يخرج يأجوج ومأجوج إلى الآن، ولا يمكن أن يخرجوا إلا بعد نزول عيسى ابن مريم -عليه الصلاة والسلام- وقتل الدجال، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق -صلوات الله وسلامه عليه- في أحاديث صحيحة تقدم ذكرها (?).
وإذا علم أن خروج يأجوج ومأجوج إنما يكون في آخر الزمان، فهل يقول عاقل إنهم قد خرجوا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنهم لم يزالوا في ازدياد وظهور على الناس، وإن ازديادهم وظهورهم على الناس قد وصل إلى حال مشاهدة للناس؟ كلا، لا يقول ذلك عاقل يؤمن بما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن خروج يأجوج ومأجوج.
ومن ذلك زعمه في صفحة (78) أن الناس قد شاهدوا السد قد اندك، ورأوا يأجوج ومأجوج قد تجاوزوه، وهذا لا أساس له من الصحة.
ومن ذلك زعمه في صفحة (78) وصفحة (79) أن السد هي الموانع الجبلية والمائية ونحوها المانعة من وصولهم إلى الناس، فقد شاهدوهم من كل محل ينسلون، فالبحر الأبيض والأسود والمحيط من جميع جوانبه وما اتصل بذلك من الموانع كلها قد مضي عليها أزمان متطاولة وهي سد محكم بينهم وبين الناس، لا يجاوزها منهم أحد بل هم منحازون في أماكنهم، وقد زال ذلك كله وشاهدهم الناس، وقد اخترقوا هذه البحار ثم توصلوا إلى خرق الجو بالطائرات وبما هو أعظم منها، فلا يمكن لأحد إنكار هذا ولا المكابرة فيه.
وأقول: لا صحة لشيء مما ذكره ههنا، وإنما هو التخرص واتباع الظن وإلصاق اسم يأجوج ومأجوج على من ليس منهم، وقد تقدم الجواب عن هذه الجملة مفصلا فليراجع (?).