الإيمان برجل من بني آدم مجهول في عالم الغيب، لا يعلم زمانه ولا مكانه، وهو ليس بملك مقرب ولا نبي مرسل، ولن يأتي بدين جديد من ربه مما يوجب الإيمان به، ثم يترك أمه يتقاتلون على حساب تحقيقه والتصديق به"، وقال نحو ذلك في صفحة (58)، وقال في آخر كلامه: "ثم يترك أمته يتقاتلون على التصديق والتكذيب به إلى يوم القيامة"، وقال في صفحة (36): "إن الله -سبحانه- في كتابه وعلى لسان نبيه لا يوجب الإيمان برجل مجهول في عالم الغيب"، ثم ساق بقية الكلام الذي ذكره في صفحة (6)، وقال في صفحة (14) وصفحة (15): "وإننا بكتاب ربنا وسنة نبينا لفي غنى واسع عن دين يأتينا به المهدي المنتظر، إذ المهدي ليس بملك مقرب ولا نبي مرسل، وليس ديننا الذي جاء به كتاب ربنا وسنة نبينا بناقص حتى يكمله المهدي"، وذكر في صفحة (43) حديث أبي سعيد الذي فيه: «المهدي مني أجلى الجبهة أقنى الأنف»، ثم قال: "ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُنزَّه عن أن يحيل أمته على هذه الأوصاف الموجودة في أكثر بني آدم، ولا يأتي من اتصف بها بكتاب من ربه يصدق قوله، ولا بدين جديد يكمل به دين محمد رسول الله، وليس بملك مقرب ولا نبي مرسل"، وقال في صفحة (25): "وما هذا التهالك في محبته- أي محبة المهدي- والدعوة إلا الإيمان به وهو رجل من بني آدم، ليس بملك مقرب ولا نبي مرسل، ولا يأتي بدين جديد من ربه مما يوجب الإيمان به".
هكذا جازف ابن محمود في إطلاق هذه الكلمات النابية، وكرر ذلك في سبعة مواضع من رسالته، وزادت به المجازفة في بعض هذه المواضع، فتحكم على الله -تعالى- ذلك، وتجرأ على الرجم بالغيب حيث زعم في صفحة (58) أن الرسول لا يترك أمته يتقاتلون على التصديق والتكذيب بالمهدي إلى يوم القيامة، وما يدريه عما يكون في المستقبل، وقد تقدم الجواب عما ذكرته ههنا من مجازفات ابن محمود وتخليطه مفرقًا في هذا الكتاب.
ومن ذلك أنه في صفحة (6) نقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- أنه قال في المنهاج: "إن الأحاديث في المهدي قد غلط فيها طوائف من العلماء فطائفة أنكروها"، وقد اعتمد ابن محمود على قول الطائفة التي أنكرت أحاديث المهدي مع علمه بتغليط شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- لمن قال بهذا القول، وهذا ................................