-رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، فما بعد الدجال؟ قال: «عيسى ابن مريم»، قلت: فما بعد عيسى ابن مريم؟ قال: «لو أن رجلا أنتج فرسًا لم يركب مهرها حتى تقوم الساعة»، ففي هذا الحديث والأثرين قبله مع ما تقدم من الأحاديث المرفوعة أوضح دليل على أن يأجوج ومأجوج إنما يخرجون عند دنو الساعة، وهذا يدل على أن السد لا يزال باقيًا مانعًا لهم من الخروج، وأنه إنما يندك عند اقتراب الساعة.
وأما القبيلتان اللتان اسم إحداهما: (آفوق) واسم الثانية: (ماقوق) فإن كان بينهما وبين الناس سد من حديد فهما يأجوج ومأجوج، وإن لم يكن بينهما وبين الناس سد من حديد فليسا يأجوج ومأجوج.
وأما الموضع الثاني: الذي ذكر رشيد رضا أنه في الشمال الشرقي من مدينة صنعاء وفيه سد من حديد فليس هو السد الذي بناه ذو القرنين دون يأجوج ومأجوج قطعًا؛ لأن هذا السد على تقدير وجوده يكون في الجزيرة العربية، ويأجوج ومأجوج ليسوا في البلاد العربية ولا فيما يقرب منها من الأرض، وإنما هم في أقصى بلاد المشرق من ناحية الشمال، كما ذكر ذلك غير واحد من المؤرخين والمتكلمين على الأقاليم ومواقع البلدان فيها، وقد روي ابن جرير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- والضحاك أن الصدفين اللذين بني ذو القرنين السد بينهما هما جبلان من قبل أرمينية وأذربيجان، وقاله القرطبي في تفسيره، وأرمينية وأذربيجان في أقصى المشرق من ناحية الشمال.
وأما قوله: فهذا الوصف ينطبق على ما جاء في القرآن من وصف السد.
فجوابه: أن يقال: هذا السد إن صح ما قيل عنه وأنه من زبر الحديد فليس هو السد المذكور في القرآن قطعًا، وإنما هو من بناية بعض التبابعة أو غيرهم من ملوك اليمن المتقدمين.
وأما قوله: وبلاد اليمن هي فيما يظهر بلاد ذي القرنين؛ لأن هذا اللقب من ألقاب ملوك العرب الحميريين المعروفين بالأذواء.
فجوابه: أن يقال: على تقدير أن يكون ذو القرنين من أذواء اليمن فلا يلزم من ذلك أن يكون هو الذي بني السد الذي ذكره رشيد رضا إذ لا دليل يدل على ذلك، وعلى تقدير أن يكون هو الذي بناه فليس هو السد المذكور في القرآن؛ لأن ..........................