أو الاستدلال ما يجهل بعض أسبابه، كالأنوار والنقوش "والألوان" وجر الأثقال عند المصريين القدماء، فالقرآن يقول في ذي القرنين: {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ} كذا من مطلع الشمس ومغربها وبين السدين، فما هي تلك الأسباب؟ هل هي هوائية، أو كهربائية؟ الله أعلم بذلك. هذا ما يقال بالإيجاز في رد دعوى معرفة جميع أجزاء الأرض التي بني عليها الاعتراض، ثم إن ما بني على هذه الدعوى باطل وإن فرضنا إنها هي مسلمة، وذلك أنه يوجد في الأرض موضعان معروفان يحتمل أن السد كان فيهما حدهما الموضوع الذي يسمى الآن (دربند) بروسيا ومعناه السد، وفيه موضع يسمى (دمرقبو) أي باب الحديد، وهو أثر سد قديم بين جبلين يقال أنه من صنع بعض ملوك الفرس، ويحتمل أن يكون موضع السد وقد ذكره ملطبرون في جغرافيته بما يدل على ذلك، وأخبرني مختار باشا الغازي أنه رأى خريطة جغرافية قديمة لتلك الجهات وفيها رسم ذلك المكان وبيان أن وراءه قبلتين اسم إحداهما (آقوق) واسم الثانية (ماقوق) وتعريب هذين اللفظين بيأجوج ومأجوج ظاهر جلي، وأما الموضع الثاني فإننا نترجم ما جاء فيه عن بعض التواريخ الفارسية على غرابته وهو في الشمال الشرقي من مدينة صنعاء التي هي عاصمة اليمن بعشرين مرحلة (مائة وبضعة فراسخ)، مدينة قديمة تسمى الطويلة، وفي شرقي هذه المدينة واد عميق جدًا يحيط به ثلاث جهات جبال شامخة منصبة ليس فيها مسالك معبدة، "فالمتوقل" (?) فيها على خطر السقوط والهوي، وفي الجهة الرابعة منه سهوب فيحاء يستطرق منها إلى الوادي ومنه إليها، وفجوة الوادي من هذه الجهة تبلغ خمسة آلاف ذراع فارسي (الذارع الفارسي متر وأربع سنتمات) وفي الفجوة سد صناعي يمتد من أحد طرفي الجبلين إلى الآخر وهو من زبر الحديد المتساوية المقدار، فطول هذا السد خمسة آلاف ذراع، فأما سمكه فخمسة عشر شبرًا، وأما ارتفاعه فيختلف باختلاف انخفاض أساسه وارتفاعه، لأن أرضه غير مستوية، وفي القرن العاشر للهجرة لما فتح سنان باشا القائد العثماني اليمن وصل إلى قلعة تسمى "تسام" واقعة بجوار هذا السد، فأمر بعدِّ زبر الحديد المبني بها السد فقصارى ما تيسر لهم عده منها تسعة آلاف، وفي طرفي هذا السد قلعتان عظيمتان محكمتا البناء قديمتان تسمى إحداهما قلعة العرصة والثانية قلعة الباحثة، فهذا الوصف ...........................................