خروج الدجال ونزول عيسى -عليه الصلاة والسلام- وقتل الدجال، ففيها أبلغ رد على ما توهم ابن سعدي من وقوع اندكاك السد وخروج يأجوج ومأجوج منذ أزمان طويلة، وفيها أيضًا أبلغ رد على ما توهمه من موافقة أوهامه وتخرصاته للكتاب والسنة.
ومما يرد به عليه أيضًا حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- في ذكر فتح يأجوج ومأجوج وخروجهم على الناس، وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في حفر يأجوج ومأجوج للسد كل يوم، وحديث حذيفة بن أسيد -رضي الله عنه- أن خروج يأجوج ومأجوج من الآيات العشر التي تكون بين يدي الساعة، وحديث واثلة بن الأسقع -رضي الله عنه- بمثل حديث حذيفة بن أسيد -رضي الله عنه-، وهذه الأحاديث كلها صحيحة، وقد تقدم إيرادها قريبًا فلتراجع، ففيها أبلغ رد على توهمات ابن سعدي وتخرصاته (?).
وأما قوله: وأما من اعتمد في قصة يأجوج ومأجوج على قصص إسرائيلية وآثار موضوعة وقصص خرافية وعوائد جرت مخالفة للعلم، فقد حرم الوصول إلى الهداية والاستنارة بنور العقل المؤيد بالشرع.
فجوابه: أن يقال: وكذلك من اعتمد على الأوهام والتخرصات في موضع السد واندكاكه، وخروج يأجوج ومأجوج قبل خروج الدجال ونزول عيسى وقتل الدجال، فهو محروم من الوصول إلى الهداية والاستنارة بنور الكتاب والسنة في هذا السبيل.
" تنبيه "
ليعلم المطَّلع على كتابي هذا أن إنكاري لما توهمه ابن سعدي في أمر السد ويأجوج ومأجوج وما كتبته في التنبيه على أخطائه لا يمنعني من الثناء عليه والدعاء له بالمغفرة والرحمة، فقد خلَّف -رحمه الله تعالى- علمًا كثيرًا في مؤلفاته وعند تلاميذه، فأما ما كتبه في رسالته في السد ويأجوج ومأجوج فهو من الزلات المغمورة في جنب فضائله ومحاسنه، وقد قال الشاعر وأحسن فيما قال:
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها ... كفى المرء نبلا أن تعد معائبه
وقد ذكرت قريبًا أن طبع ابن سعدي لتفسيره بعد إخراجه للرسالة بنحو من سبع .....