الذهبي في "الميزان": "عبد الله بن سبأ من غلاة الزنادقة، ضال مضل، أحسب عليًا حرقه بالنار"، وكذا قال الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" قال: "وله اتباع يقال لهم السبائية، يعتقدون إلاهية علي بن أبي طالب، وقد أحرقهم علي بالنار في خلافته". انتهى.
الوجه الرابع: أن يقال: كان ينبغي لابن محمود أن يذكر له مستندًا صحيحا فيما ألصقه بابن سبأ وشيعته، من صياغة الأحاديث في المهدي ووضعها على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأسانيد منظمة عن أهل القبور، ونشرها في مجتمع الناس، وحيث لم يذكر له مستندًا من المصادر الموثوق بها، فلا شك أن مستنده الذي اعتمد عليه هو التوهم والتخيل واتباع الظن، وقد قال الله -تعالى-: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ}، وفي الحديث الصحيح: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث» [متفق عليه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-].
وأما قوله: فهي دعوة سياسية إرهابية.
فجوابه: أن يقال: أما الذين ادعوا المهدية كذبًا وزورًا؛ مثل ابن التومرت، ومهدي القرامطة والبابية البهائية والقاديانية، وأمثالهم من الكذابين المتحيلين لتحصل الرئاسة فهؤلاء دعوتهم سياسية إرهابية بلا شك، وكذلك الفئة التي نكثت البيعة وشقت العصا وألحدت في المسجد الحرام في أول سنة 1400 من الهجرة، وأراقت الدماء المحرمة في أشرف البقاع وأعظمها حرمة عند الله -تعالى-، وادعت المهدية فيمن ليس لها بأهل، فهؤلاء دعواهم المهدية مثل دعوى غيرهم ممن ادعى المهدية كذبًا وزورًا، ودعوتهم إلى مبايعة مهديهم المزعوم دعوة جهل وضلال وإرهابية بلا شك.
وأما المهدي الذي أخبر الصادق المصدوق -صلوات الله وسلامه عليه- بخروجه في آخر الزمان فليس الإيمان بخروجه ورواية الأحاديث الثابتة فيه دعوة سياسية إرهابية كما قد توهم ذلك ابن محمود، وإنما هو من الإيمان والتسليم لما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأمر الغيبي الذي سيقع طبق ما أخبر به، ومن لم يؤمن بما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأمور الغيبية فلا شك أنه لم يحقق الشهادة بالرسالة.
والمهدي الذي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بخروجه في آخر الزمان لا تكون دعوته سياسية إرهابية، وإنما تكون دعوة حق وهدى، ويملأ الأرض قسطًا وعدلا كما ملئت جورًا وظلمًا،