وأما قوله: وزال عن الناس ظلام الأوهام وضلال أهل الزيغ والبهتان.

فجوابه من وجهين؛ أحدهما: أن يقال: قد جاء في إثبات وجود السد ويأجوج ومأجوج آيات من القرآن وأحاديث صحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي القرآن النص على أن السد من حديد وقِطر- وهو النحاس- وفيه أيضًا النص على أن يأجوج ومأجوج ما استطاعوا أن يظهروا السد وما استطاعوا له نقبًا، وفيه أيضًا النص على أن اندكاك السد إنما يكون إذا جاء وعد الله -تعالى- أي إذا دنا قيام الساعة، وفي الأحاديث النص على أن يأجوج ومأجوج إنما يخرجون على الناس بعد نزول عيسى ابن مريم وقتله الدجال، وأنه لا يدان لأحد بقتالهم، وأنهم إذا خرجوا لا يأتون على شيءٍ إلا أهلكوه، ولا يمرون على ماء إلا شربوه، وأن أوائلهم يشربون بحيرة طبرية، وأن آخرهم إذا مروا بها يقولون لقد كان بهذا مرة ماء، وأنهم يحصرون نبي الله عيسى وأصحابه فيدعو عليهم فيهلكهم الله ويميتهم، فهل يقول ابن محمود إن هذا كله من ظلام الأوهام وضلال أهل الزيغ والبهتان، أم ماذا يجيب به عن قوله الذي لم يتثبت فيه، ولم ينظر إلى ما يترتب عليه من تكذيب ما جاء عن الله -تعالى- وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم -؟

الوجه الثاني: أن يقال: إنما زال عن الناس ظلام الأوهام والضلال بإنكار رسالة ابن سعدي والتحذير منها، وبيان أنها تخالف ما جاء في القرآن والسنة عن يأجوج ومأجوج، وحتى مؤلفها -رحمه الله- يظهر أنه قد زال عنه ظلام الأوهام والضلال بما قرره في تفسيره الذي كان طبعه له بعد إخراجه للرسالة بنحو من سبع عشرة سنة، وقد ذكرت كلامه في تفسيره قريبًا فليراجع (?).

وأما قوله: وصار لهذه الرسالة الأثر الكبير في إخماد نار الفتنة بيأجوج ومأجوج.

فجوابه من وجهين؛ أحدهما: أن يقال: إنه لم يكن لرسالة ابن سعدي أثر كبير إلا عند ابن محمود، وقد يكون لها أثر كبير عند أمثال ابن محمود من المتكلفين الخائضين فيما لا يعنيهم، فأما أهل العلم فقد أنكروها غاية الإنكار، وقد سمعت ذلك من كثير منهم، وبلغني ذلك عن كثير منهم ممن لم أجتمع بهم.

الوجه الثاني: أن يقال: إنها لم تقع بين الناس فتنة بيأجوج ومأجوج، إلا أن تكون من أفراد قليلين من العصريين المتكلفين الخائضين فيما لا يعنيهم من أمر ......................

طور بواسطة نورين ميديا © 2015