-تعالى-: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ}، ففي هاتين الآيتين دليل على أن فتح يأجوج ومأجوج إنما يكون عند اقتراب الساعة، وفيهما مع الآيتين من سورة الكهف أبلغ رد على من زعم أن يأجوج ومأجوج قد خرجوا، وأقبلوا على المسلمين من كل حدب ينسلون، حين استدعاهم استنشاق رائحة البترول في بلدان العرب المسلمين.
الوجه السادس: أن يقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في الساعة: «إنها لن تقوم حتى ترو قبلها عشر آيات؛ فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم - عليه الصلاة والسلام-، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف؛ خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم» رواه الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي، ومسلم واللفظ له، وأهل السنن من حديث حذيفة بن أسيد الغفاري -رضي الله عنه-، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وروي الطبراني وابن مردويه والحاكم من حديث واثلة بن الأسقع -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه، وصححه الحاكم والذهبي.
وإنما كان خروج يأجوج ومأجوج آية من الآيات العشر الدالة على دنو الساعة واقترابها؛ لأن الناس لم يروهم قبل خروجهم، ولما فيهم من الكثرة الهائلة، ولأنهم يطئون البلاد فلا يأتون على شيء إلا أهلكوه، ولا يمرون على ماء إلا شربوه، حتى إن أوائلهم يشربون بحيرة طبرية، ويمر آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء، وشربهم لبحيرة طبرية ولغيرها من المياه الغزيرة غير معتاد ولا مألوف عند الناس، فلهذا كان خروجهم من الآيات الدالة على دنو الساعة، ولو كانوا قد خرجوا منذ أزمان طويلة لما كان خروجهم من قبيل الآيات العظام، والله أعلم.
وقد جاء أن الآيات العشر إذا ظهر أولها تتابعت في زمن يسير، وقد جاء في ذلك عدة أحاديث، بعضها مرفوع وبعضها موقوف، منها ما رواه ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خروج الآيات بعضها على اثر بعض، يتتابعن كما يتتابع الخرز في النظام» وقد رواه الطبراني في الأوسط، قال الهيثمي: "ورجاله رجال الصحيح، غير عبد الله بن أحمد بن حنبل وداود الزهراني، وكلاهما ثقة".
ومنها ما رواه الحاكم في مستدركه عن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .....