ومأجوج بشيء حتى طبع تفسيره، فإذا كلامه فيه على خلاف ما قرره في رسالته التي أنكرها كبار العلماء، ولم يخرج في تفسير الآيات من سورة الكهف ومن سورة الأنبياء عما ذكره المفسرون في أمر يأجوج ومأجوج، فيحتمل أنه قد رجع عما قرره في رسالته، وإن لم يكن رجع عن ذلك فكلامه في يأجوج ومأجوج متناقض، فيؤخذ بما كان منه موافقًا لأقوال المفسرين من الصحابة والتابعين ويرد ما خالفهم فيه.
وأما قوله: والتي تداعى عليكم كتداعي الأكلة على قصعتها.
فجوابه: أن يقال: هذه الجملة ليست من كلام ابن سعدي، وإنما هي من كلام ابن محمود.
ويقال أيضًا: أما الأمم التي تداعت على المسلمين فهم من أصناف الكفار من غير يأجوج ومأجوج، وقد وقع بعض ذلك حين خرج التتار على المسلمين من المشرق، وتداعت عليهم الأمم الصليبية من المغرب، وأما يأجوج ومأجوج فإنما يخرجون على الناس بعد نزول عيسى ابن مريم -عليه الصلاة والسلام- وبعد قتل الدجال، كما جاء ذلك صريحًا في حديث النواس بن سمعان الذي رواه مسلم وغيره، وجاء في حديث حذيفة بن اليمان وابن مسعود -رضي الله عنهم- نحو ذلك، وقد تقدم ذكر هذه الأحاديث قريبًا (?).
وأما قوله: وقد أقبلوا عليكم من كل حدب ينسلون حين استدعاهم استنشاق رائحة البترول في بلدان العرب المسلمين، وهذا حقيقة الفتح لهم، والذي عناه النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح البخاري ومسلم، عن زينب بنت جحش قالت: خرج علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - فزعًا قد احمرَّ وجهه وهو يقول: «لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا» وقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى، فقلنا: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم إذا كثر الخبث».
فجوابه من وجوه؛ أحدها: أن يقال: ليس هذا من كلام ابن سعدي، وإنما هو من كلام ابن محمود، ولو أنه بيَّن ذلك لكان خيرًا له، وأوفق للأمانة العلمية.
الوجه الثاني: أن يقال: إن ابن محمود قد غيَّر في لفظ الحديث، حيث قال: «فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا، وقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى»، .............