الوجه الرابع: أن يقال: إن علماء المسلمين منزهون عما رماهم به ابن محمود؛ من فرض التحجر الفكري والجمود الاجتماعي على غيرهم من المسلمين، وإلزامهم باعتقاد ما ليس بحق مما تربوا عليه في صغرهم، وما تلقوه عن آبائهم ومشايخهم، أو على رأي بعض العلماء أو بعض الفقهاء، فكل هذا مما ينزه عنه علماء أهل السنة، وأما حث الناس على الإيمان بما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أنباء الغيب، ومنها خروج المهدي في آخر الزمان، فليس ذلك من فرض التحجر الفكري والجمود الاجتماعي كما زعم ذلك ابن محمود، وإنما هو من النصيحة الواجبة على المسلمين بعضهم لبعض، ومن الدعاء إلى الخير والتعاون على البر والتقوى.

الوجه الخامس: أن يقال: إذا كان الإيمان بما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المهدي من التحجر الفكري والجمود الاجتماعي عند ابن محمود، ومن الركون إلى الخيال والمحالات، والاستسلام للأوهام والخرافات على حد زعمه، فنِعم التحجر ونِعم الجمود ونِعم الركون ونِعم الاستسلام، الذي يدعو صاحبه إلى الإيمان بأخبار الصادق المصدوق -صلوات وسلامه عليه-.

الوجه السادس: أن يقال: إن التحجر الفكري والجمود الذي هو ضرر محض، هو الركون والاستسلام لأوهام أحمد أمين وتخرصاته، وما وقع في نظره من إنكار خروج المهدي، وإنكار ما جاء فيه من الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك الركون والاستسلام لأوهام غيره من العصريين، الذين لا يبالون برد الأحاديث الثابتة إذا كانت مخالفة لأفكارهم الفاسدة، وقد قلدهم ابن محمود وركن إلى آرائهم وأفكارهم الفاسدة، واستسلم لأوهامهم وتخرصاتهم في إنكار خروج المهدي ومعارضة الأحاديث الثابتة فيه، وقد تقدم بيان ذلك في أول الكتاب وفي أثنائه فليراجع (?).

الوجه السابع: أن يقال: ما هو المانع من الإيمان بوجود شخص غائب أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بخروجه في آخر الزمان، وأخبر أنه يعمل بسنته، وأن خلقه يطابق خلقه، وأنه يملأ الأرض قسطًا وعدلا كما ملئت جورًا وظلمًا، ليس هناك مانع من الإيمان بوجود هذا الشخص الفاضل الذي يعز الله به الإسلام والمسلمين، ويجدد به ما اندرس من الدين، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بخروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم -عليه الصلاة والسلام- في آخر الزمان، وأخبر بخروج القحطاني والجهجاه، والخليفة الذي .............................................

طور بواسطة نورين ميديا © 2015