فجوابه: أن يقال: ليس بين الروايات الثابتة في المهدي تعارض البتة، وإنما التعارض في أفهام المنكرين لها وفي توهماتهم الخاطئة، وإذ لم يكن بين الروايات الثابتة في المهدي تعارض فأي حاجة تدعو إلى الجمع.
وأما قوله: والمنكرون لها أكثر.
فجوابه: أن يقال: هذا غير صحيح، والواقع يشهد بخلافه، فإن المعروف عن أهل السنة والجماعة منذ زمن الصحابة -رضي الله عنهم- إلى زماننا أنهم يصدقون بالأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المهدي، وإن وجد منهم فرد أو أفراد قليلون يتوقفون في خروج المهدي اعتمادًا على الحديث الضعيف الذي جاء فيه «لا مهدي إلا عيسى بن مريم» فذلك نادر والنادر لا حكم له، وأول من توسع في تضعيف أحاديث المهدي هو ابن خلدون، فقد نقدها إلا القليل أو الأقل منه، ثم جاء رشيد رضا وأحمد أمين وغيرهما من العصريين، الذين لا يبالون برد الأحاديث الثابتة إذا كانت مخالفة لآرائهم وتوهماتهم أو آراء من يعظمونهم من المسلمين وغير المسلمين، فردوا أحاديث المهدي كلها، وزعموا أنها موضوعة.
وأما قوله: والشبهة فيها أظهر.
فجوابه: أن يقال: ليس في الأحاديث الثابتة في المهدي شبهة البتة، وإنما الشبه والشكوك في أقوال المعارضين للأحاديث الثابتة بمجرد الآراء والتوهمات والتخرصات.
وأما قوله: وقد جاءهم النذير وهو ابن خلدون.
فجوابه: أن يقال: إن ابن خلدون لم يضعف أحاديث المهدي كلها، كما قد توهم ذلك رشيد رضا ومن قلده واغتر بقوله، وإنما ضعف أكثرها واستثنى من النقد القليل منها أو الأقل منه، وقد صرح بذلك في مقدمته بعد سياقه للأحاديث الواردة في المهدي، فليراجع كلامه، ففيه كفاية في الرد على رشيد رضا وعلي ابن محمود، وقد رد غير واحد من العلماء على ابن خلدون، وخطؤوه في تضعيفه لبعض الأحاديث الثابتة في المهدي، وقد ذكرت ردودهم عليه في أثناء الكتاب فلتراجع (?).
وأما قوله: ومن المعلوم وقوع الاختلاف والاضطراب في أحاديث المهدي.
فجوابه: أن يقال: ليس بين الأحاديث الثابتة في المهدي شيء من الاختلاف ..........