ومعجزاتهم، وقد رد عليه تلميذه محمد عبد الرازق حمزة في ضمن رده على أضاليل أبي رية، فقال في صفحة (236) وصفحة (237) من كتابه المسمى "ظلمات أبي رية" ما نصه: "ونقل أبو رية (ص215) تحت عنوان (كلمة جامعة في أحاديث أشراط الساعة وأمثالها) كلمة في نحو صفحتين عن السيد رشيد رضا من تفسير (504 - 507) ج9، فيما جاء من الأحاديث في أشراط الساعة، وخروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم وغيرها، شكك فيها بأن الرواة رووها بالمعنى - يعني ويجوز الخطأ عليهم فيما فهموه من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن الصحابة كان فيهم منافقون، وفي الرواة وضاعون تظاهروا بالصلاح، فلم يعرف ما وضعوه إلا بعد توبة بعضهم وإقراره بما وضع - إلى آخر ما هو دفع في صدر الأحاديث الصحيحة وعجزها، وإضعاف الثقة بها والاحتجاج بما جاءت به".
ونقول كلمة موجزة في سبب هذا التشكيك من السيد رشيد، تخرج على أستاذه الإمام الشيخ محمد عبده، الذي تمهر في فلسفة القرن الثامن عشر والتاسع عشر، ورضعا جميعًا لبان فلسفة جوستاف لوبون، وكانت، ونتشه، وسبنسر، وغيرهم من أساطين الفلسفة المادية، التي تقول بجبرية الأسباب والمسببات، وإن العالم يسير بنواميس لا يمكن أن تتخلف أو أن ينفك مسبب عن سببه عقلا، فلم تتسع الفلسفة المادية في تفكيرهما للإيمان بالمعجزات والخوارق؛ من انفلاق البحر لموسى والعصا له، وآيات عيسى ابن مريم، ورفعه للسماء، ونزوله، وخروج الدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وانشقاق القمر، وغيرها من الآيات، ولما لم تتسع فلسفتهما- فلسفة القرن الثامن عشر والتاسع عشر- لهذه الخوارق والآيات والمعجزات، أخذا في تأويلها في القرآن والشك في أحاديثها، ولو عاش الإمامان الشيخ محمد عبده، والسيد رشيد رضا إلى منتصف القرن العشرين، وعلما فلسفته التي نفت الجبرية، وأنها ذهبت إلى غير رجعة، وأن العالم مسير بحكمة فاعل مختار، لا بجبرية حتمية، كما أعلن ذلك مشرفة باشا في مقال له "تطور العلم"، والعالم الطبيعي الفلكي الإنكليزي جنز في كتاب "الكون الخفي" أو المستور، ورئيس الأكاديمية الأمريكية في نيويورك صاحب كتاب "الإنسان لا يقوم وحده" الذي يرد على هكسلي خليفة دارون في كتابه "الإنسان يقوم وحده"، وقد عرب كتاب "الإنسان لا يقوم وحده" باسم "العلم يدعو إلى الإيمان".