فجوابه: أن يقال: إن المحجة البيضاء هي التمسك بالكتاب والسنة، لما رواه مالك في الموطأ بلاغًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما؛ كتاب الله وسنة رسوله» وقد رواه الحاكم في مستدركه موصولا من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، وصححه وأقرَّه الذهبي.
وإذا علم هذا فمن المحجة البيضاء ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من عدة أوجه، أنه أخبر بخروج المهدي في آخر الزمان، فمن لم يؤمن بخروجه ففيه من الزيغ عن المحجة البيضاء بقدر ما أعرض عنه من السنة.
وأما قوله: وقال: «لقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله».
فجوابه: أن يقال: إن الإيمان بخروج المهدي في آخر الزمان من الاعتصام بكتاب الله -تعالى- لأن الله -تعالى- يقول: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}، وقد أمر الله -تعالى- بالإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم - في آيات كثيرة، ومن الإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم - الإيمان بما أخبر به من الغيوب الماضية والآتية، ومن الغيوب الآتية خروج المهدي في آخر الزمان، فمن لم يؤمن بخروجه فلا شك أنه لم يحقق الاعتصام بكتاب الله ولا الإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم -.
وأما قوله: وقال: «إياكم ومحدثات الأمور» والمهدي واعتقاده هو من محدثات الأمور.
فجوابه: أن يقال: بل الذي هو من محدثات الأمور على الحقيقة إنكار خروج المهدي في آخر الزمان ومعارضة الأحاديث الثابتة فيه وردها وإطراحها، فأما إثبات خروجه فهو من لزوم السنة، ومن التسليم لما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقال ابن محمود في صفحة (62): "وإني أرجو بعد دراستهم لهذه الرسالة بأن ينتبهوا ويتناصحوا، فيغسلوا قلوبهم عن اعتقاد هذه الخرافة التي ستضرهم وتضر أبناءهم ومجتمعهم من بعدهم".
والجواب: أن يقال: إنه ينبغي لأهل العلم أن يحذروا الناس من دراسة رسالة ابن محمود، لما فيها من التهجم على الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المهدي، ومعارضتها بالشبه والشكوك والآراء الفاسدة، ووصفها بالصفات الذميمة؛ كقوله إنها مختلقة ومكذوبة ومصنوعة وموضوعة ومزورة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليست من كلامه، وإنها أحاديث خرافة، وإنها نظرية خرافية، وإنها بمثابة حديث ألف ليلة وليلة، ..............................