ويصلي خلف القائم من آل محمد - صلى الله عليه وسلم - ". انتهى، وقد نقله عنه القاضي أبو الحسين في طبقات الحنابلة، وقد كان البربهاري في آخر القرن الثالث من الهجرة وأول القرن الرابع، وهو من أعيان العلماء، ومن الطبقة الثانية من أصحاب الإمام أحمد، وهو شيخ الحنابلة في وقته.
وقد ذكرتُ في أول الكتاب قول أبي الحسين الآبري في كتابه: "مناقب الشافعي": "قد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذكر المهدي، وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يملأ الأرض عدلا، وأن عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنه يؤم هذه الأمة، ويصلي عيسى خلفه". انتهى، وقد نقله عنه جماعة من أكابر العلماء وأقروه، وقد ذكرت أسماءهم في أول الكتاب، فليراجع ما تقدم (?).
الوجه الثالث: أن يقال: إن العلماء الذين ذكروا بعض أشراط الساعة في كتب العقائد إنما ذكروا منها ما لا نظير له وما ليس بمألوف عند الناس؛ مثل خروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم من السماء، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج الدابة من الأرض، وطلوع الشمس من مغربها، فأما ما كان له نظير وكان مألوفًا عند الناس فهذا مما لا تمس الحاجة إلى ذكره في العقائد، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدة أشياء من هذا القبيل تكون في آخر الزمان؛ مثل خروج القحطاني والجهجاه، والخليفة الذي يحثو المال حثوًا ولا يعده عدًا، وأخبر أيضًا بالجيش الذي يغزو الكعبة فيخسف بهم بالبيداء، وأخبر أيضًا بالرجل المؤمن الذي يخرج من المدينة فيقول للدجال: أشهد أنك الدجال، فيقتله الدجال ثم يحييه، وأخبر أيضًا بالرجل الأسود الأفحج الذي يقلع الكعبة حجرًا حجرًا، وأخبر أيضًا بانحسار الفرات عن كنز من ذهب أو قال عن جبل من ذهب، إلى غير ذلك من الأمور التي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها ستكون في آخر الزمان، والأحاديث الواردة فيها بعضها في الصحيحين وبعضها في صحيح مسلم، ومع هذا لم تُذكر في كتب العقائد، فهل يقول عاقل إن عدم إدخالها في كتب العقائد يدل على أنها ليست بصحيحة، وأنه لا يجب الإيمان بوقوعها، وأنها لا تعلق لها بالعقيدة الدينية؟ كلا، لا يقول ذلك من له أدنى عقل ودين، والقول في المهدي مثل القول في هذه الأمور التي ذكرنا سواء بسواء.
وأما قوله: ثم إن غالب الأحاديث التي زعموها صحيحة ومتواترة بالمعنى، ما هي إلا حكاية عن أحداث تقع مع أشخاص؛ كرجل هرب من المدينة إلى مكة فيبايع ............