وأما قوله: وهل هذا الرجل أفضل من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي جادل وجاهد ... إلى قوله: واستقام على ذلك ثلاثًا وعشرين سنة، ولم يتمكن من ملء الأرض عدلا إلا في الجزيرة العربية، التي هي بمثابة النقطة بالنسبة إلى سعة الدنيا.

فجوابه: أن يقال: قد تقدم نحو هذا الكلام في أثناء الكتاب، وتقدم الرد عليه فليراجع (?).

وأما قوله: ومتى صدقنا بهذا الحديث، فإننا نكون ممن يفضل هذا الرجل على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -.

فجوابه: أن يقال: ليس في التصديق بما جاء في حديث أم سلمة -رضي الله عنها- محذور البتة، ولا يلزم من التصديق به أن يكون المُصَدِّق قد فَضَّل المهدي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هذا من أوهام ابن محمود ومجازفاته التي قالها من غير تثبت ولا تعقل.

وأما قوله: مع العلم أنه لم يذكر اسم المهدي فيه فسقط الاستدلال به، إذ الرجل مبهم، وتعيين شخص معين هو تحكم بغير علم، إذ هذا يعود إلى علم الغيب.

فجوابه: أن يقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصرح باسم الشخص تارة وتارة يذكره بصفاته، وتارة يذكره بأفعاله التي يتميز بها عن غيره، وقد جاءت الأحاديث في المهدي على نحو ما ذكرنا؛ فقد جاء التصريح باسمه في عدة أحاديث تقدم ذكرها في أول الكتاب (?)، وجاء في بعضها أنه من أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه يملأ الأرض قسطًا وعدلا كما ملئت جورًا وظلمًا، وأنه يعيش سبع سنين وفي بعض الروايات سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين، وهذا يوافق ما جاء في حديث أم سلمة -رضي الله عنها- أن الرجل من قريش ومن بني هاشم، وأنه يعمل في الناس بسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، وأن الإسلام يلقي بجرانه إلى الأرض، وأنه يعيش سبع سنين، وهذه الصفات والعلامات التي جاءت في حديث أم سلمة -رضي الله عنها- تقوم مقام التصريح باسم المهدي؛ لأن من عمل في الناس بسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم -، وألقى الإسلام بجرانه إلى الأرض في زمان ولايته، فهو مهدي بلا شك، سواء جاء التصريح باسمه في الحديث أو لم يجيء، ولهذا أورده غير واحد من أكابر العلماء مع الأحاديث الدالة على خروج المهدي في آخر الزمان؛ ومنهم عبد الرازق في مصنفه، وأبو داود في سننه، وابن حبان في صحيحه، وابن القيم في كتابه "المنار المنيف"، وابن كثير في كتابه "النهاية"، ........................

طور بواسطة نورين ميديا © 2015