ورواه أحمد وابن وضاح مختصرًا.
وفي هذه الأحاديث دليل على أن المهدي وأصحابه يقاتلون على الحق، وأنهم يكونون ظاهرين على من ناوأهم، وأن عيسى ابن مريم ينزل عليهم وهم يقاتلون الدجال، فيصلي خلف المهدي أول ما ينزل.
وقد تقدم في أول الكتاب قول أبي الحسين الآبري: "إنها قد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذكر المهدي، وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يملأ الأرض عدلا، وأن عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه". انتهى، وقد ذكرت هناك عددًا من أكابر العلماء الذين نقلوا كلام الآبري وأقروه، فليراجع ما تقدم (?).
والمقصود هنا بيان أن وجود الكفار والفجار في كل زمان، وكون المصارعة لا تزال قائمة بين الحق والباطل وبين المسلمين والكفار، لا يمنع من إزالة الجور والظلم وامتلاء الأرض بالقسط والعدل في زمان المهدي؛ لأن أهل الباطل يكونون حينذاك ذليلين مقموعين مقهورين، وتكون الغلبة والظهور للحق وأهله.
وأما قوله: وفي صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما أنتم في الأمم المكذبة للرسل إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود».
فجوابه: أن يقال: إن ابن محمود قد زاد في الحديث كلمتين من عنده؛ وهما قوله: "المكذبة للرسل"، وقد رواه البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولفظه عند مسلم: «ما المسلمون في الكفار إلا كشعرة بيضاء في ثور أسود، أو كشعرة سوداء في ثور أبيض»، وفي رواية للبخاري ومسلم: «وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر»، وفي رواية لمسلم: «ما أنتم في سواكم من الأمم إلا كالشعرة السوداء في الثور الأبيض، أو كالشعرة البيضاء في الثور الأسود»، ورواه البخاري ومسلم أيضًا عن أبي سعيد -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن مثلكم في الأمم كمثل الشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالرقمة في ذراع الحمار»، وفي رواية لمسلم: «ما أنتم يومئذ في الناس إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في الثور الأبيض»، ورواه البخاري ولفظه قال: «ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء ..........................