أنه مع ظهور فساده وبعده عن الشرع قد اعتمده طوائف، وبنوا عليه بدعا فاحشة منها مذهب المهدي المغربي، فإنه عدَّ نفسه الإمام المنتظر، وأنه معصوم حتى أن من شك في عصمته أو في أنه المهدي المنتظر فهو كافر"، وذكر نحو ذلك في صفحة (345) عن المهدي المغربي وأصحابه، وقال أيضًا في صفحة (253) من الجزء الثاني ما نصه: "وقد وضع القتل شرعًا معمولا به على غير سنة الله وسنة رسوله المتسمي بالمهدي المغربي، الذي زعم أنه المبشر به في الأحاديث" إلى أن قال في صفحة (254): "وكل من شك في عصمته قتل، أو شك في أنه المهدي المبشر به"، وقال أيضًا في صفحة (262) وصفحة (263) ما نصه: "ومن يدعي لنفسه العصمة فهو شبه من يدعي النبوة، ومن يزعم أنه به قامت السموات والأرض فقد جاوز دعوى النبوة، وهو المغربي المتسمي بالمهدي "، وقال في صفحة (258) من الجزء الثالث ما نصه: "ولقد زلَّ بسبب الإعراض عن الدليل والاعتماد على الرجال أقوام، خرجوا بسبب ذلك عن جادة الصحابة والتابعين، واتبعوا أهواءهم بغير علم، فضلوا عن سواء السبيل، ولنذكر لذلك عشرة أمثلة"، ثم ذكر المثال الأول وهم الذين قالوا: {إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ}. قال: "والثاني: رأي الإمامية في اتباع الإمام المعصوم في زعمهم، وإن خالف ما جاء به النبي المعصوم حقًا، وهو محمد - صلى الله عليه وسلم -، فحكَّموا الرجال على الشريعة، ولم يحكموا الشريعة على الرجال، وإنما أنزل الكتاب ليكون حكمًا على الخلق على الإطلاق والعموم.
والثالث لا حق بالثاني؛ وهو مذهب الفرقة المهدوية، التي جعلت أفعال مهديهم حجة وافقت الشريعة أو خالفت، بل جعلوا أكثر ذلك أنفحة في عقد إيمانهم، من خالفها كفَّروه وجعلوا حكمه حكم الكافر الأصلي، وقد تقدم من ذلك أمثلة". انتهى ما ذكره الشاطبي مما يتعلق بالمهدي المغربي الغشوم الظلوم، وهو محمد بن تومرت وأصحابه، الذين سماهم الشاطبي الفرقة المهدية، وذكر أنهم جعلوا أفعال مهديهم ابن تومرت حجة، سواء وافقت حكم الشريعة أو خالفت، فأما جعل المهديين كلهم من أهل البدع كما زعمه ابن محمود فهذا من أكبر الخطأ، لأنه يشمل الخلفاء الأربعة الراشدين المهديين، ويشمل عمر بن عبد العزيز، ويشمل غيرهم من الأئمة المتمسكين بالكتاب والسنة القائمين بالقسط والعدل، وهذا لا يقوله مسلم يعقل ما يقول.