المدعون للمهدية كذبًا وزورًا، وإنما يأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه، ثم يسميه الناس بعد ذلك بالمهدي؛ لما يرون من صلاحه وعمله بالسنة، ونشره للقسط والعدل، وإزالته للجور والظلم، فحال المهدي المُبشَرِ به مخالفة لأحوال المدعين للمهدية كذبًا وزورًا.
الوجه الثاني: أن يقال: بئس نية ابن محمود السيئة، وبئس ما اختار لنفسه من أنه لو خرج المهدي الذي يجتمع المسلمون عليه بعد التفرق والاختلاف، والزلازل والقلاقل، والذي أخبر عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يعمل بالسنة، ويملأ الأرض قسطًا وعدلا كما ملئت جورًا وظلمًا، بأنه يكون أول من يقاتله. أو لا يعلم ابن محمود أن الجيش الذي يأتي لقتال المهدي يخسف بهم؟! كما جاء ذلك في حديث أم سلمة -رضي الله عنها- الذي رواه الإمام أحمد، وأبو داود، وابن حبان في صحيحه، وأبو يعلي الموصلي، والطبراني، وقال الهيثمي في رجال الطبراني إنهم رجال الصحيح، وقال ابن القيم إنه حديث حسن ومثله مما يجوز أن يقال فيه صحيح، وقد روى مسلم في صحيحه عدة أحاديث تشهد له بالصحة، وهي عن عائشة، وأم سلمة، وحفصة، وجابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري -رضي الله عنهم-. وقد ذكرتها في أول الكتاب (?) فلتراجع هناك.
وبعدُ فلو قُدِّر أن أحد أولاد ابن محمود أو أحد أحفاده ادعى أنه المهدي لكونه يزعم أنه من ذرية الحسن بن علي -رضي الله عنهما-، وصار له شوكة وأتباع، فهل يستمر ابن محمود على قوله واعتقاده في المهدي وشجاعته على قتاله، أم أنه يبدو له رأي آخر؟ إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.
الوجه الثالث: أن يقال: هلا أظهر ابن محمود شجاعته حينما هجم المدعون للمهدية على المسجد الحرام في أول سنة 1400هـ من الهجرة، ومنعوا الناس من الصلاة فيه والطواف بالكعبة نصف شهر! وقد كان يمكنه أن يحضر إلى ساحة القتال في نحو ساعتين ونصف في الطائرة، أو في يوم وليلة في السيارة، فيكون مع الذين يقاتلون الملحدين في حرم الله، ويبرز مع الشجعان الذين ضحوا بأنفسهم من أجل حماية بيت الله وإخراج المعتدين منه، أم أن شجاعته حبر على ورق؟! وإنه لينطبق على وعيد ابن محمود للمهدي بالقتال قول جرير: