على ردها، فقد تهجم على رد الإسلام، لأن الإسلام وأحكامه منقولة إلينا بمثل ما ذكرت".
وقال الشيخ أبو الحسن الأشعري في كتابه "مقالات الإسلاميين": "جملة ما عليه أهل الحديث والسنة، الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله، وما جاء من عند الله، وما رواه الثقات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا يردون من ذلك شيئًا". انتهى، وهذا حكاية إجماع من أهل الحديث والسنة على الإقرار بما جاء من عند الله، وما رواه الثقات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنهم لا يردون من ذلك شيئًا، والعبرة بأهل الحديث والسنة، ولا عبرة بمن خالفهم من أهل الأهواء والبدع والضلالة والجهالة.
وقال الموفق أبو محمد المقدسي في كتابه "لمعة الاعتقاد": "ويجب الإيمان بكل ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصح به النقل عنه فيما شهدناه أو غاب عنا، نعلم أنه حق وصدق، وسواء في ذلك ما عقلناه وجهلناه ولم نطلع على حقيقة معناه؛ مثل حديث الإسراء والمعراج، ومن ذلك أشراط الساعة؛ مثل خروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم -عليه السلام- فيقتله، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وأشباه ذلك مما صح به النقل". انتهى.
وإذا علم هذا فليعلم أيضًا أن تكذيب الأحاديث الصحيحة ليس بالأمر الهين، وقد قال الهيثمي في مجمع الزوائد "باب فيمن كذَّب بما صحَّ من الحديث" ثم ذكر حديث جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من بلغه عني حديث فكذب به فقد كذب ثلاثة؛ الله، ورسوله، والذي حدَّث به» رواه الطبراني في الأوسط، قال الهيثمي: وفيه محفوظ بن ميسور، ذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلا". انتهى، وهذا الحديث وإن لم يبلغ درجة الصحيح فمعناه صحيح، لأن من كذَّب حديثًا فلا شك أنه قد كذَّب الله -تعالى- في قوله مخبرًا عن نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، قد كذب النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث رد ما ثبت عنه برواية أهل الصدق والعدالة، وقد كذب الرواة الذين حفظوا أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وبلغوها إلى الأمة، ومن كذب أهل الصدق والعدالة فقوله مردود عليه، وهو أولى بما قال.
وقد كان السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ينكرون أشد الإنكار على الذين يتهاونون بالأحاديث الصحيحة، وعلى الذين يعارضونها بالشبه والشكوك والآراء الفاسدة، والآثار عنهم في ذلك كثيرة جدًا، وقد