من أهل الدنيا ثم انتقلوا إلى عالم الغيب، ولا يزالون فيه إلى يوم البعث والنشور، فمن لم يصدق بما جاء في كتاب الله -تعالى- من أنباء الغيب، وما ثبت من ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو مخالف لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشرعه، وليس بمؤمن.
وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بخروج المهدي في آخر الزمان، وأخبر أنه من أهل بيته، وأخبر بخروج القحطاني والجهجاه، والخليفة الذي يحثو المال حثوًا ولا يعده عدًا، وأخبر بخروج الدجال، ونزول عيسى -عليه الصلاة والسلام-، وأخبر بالرجل المؤمن الذي يخرج من المدينة يكذب الدجال. وهؤلاء كلهم من بني آدم، وهم الآن في عالم الغيب وسيكونون في آخر الزمان من أهل الدنيا، فمن لم يصدق بهم فهو ممن يُشك في إسلامه، وكذلك قد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بخروج يأجوج ومأجوج في آخر الزمان، وهم من أهل الدنيا ومن بني آدم، ولكن قد حيل بينهم وبين الاختلاط بالناس بالسد الذي بناه ذو القرنين، فلا يعلم الناس عنهم الآن شيئًا، وسيندك السد في آخر الزمان كما أخبر الله بذلك في كتابه، ويخرج يأجوج ومأجوج فيطؤون البلاد، فلا يأتون على شيء إلا أهلكوه، ولا يمرون على ماء إلا شربوه، فمن لم يصدق بوجودهم في الدنيا وخروجهم في آخر الزمان فليس بمسلم.
وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضًا بقصص لبعض بني آدم تكون في الدار الآخرة، منها قصة الرجل الذي هو آخر أهل النار خروجًا من النار وآخر أهل الجنة دخولاً الجنة، وأن الله يقول له: أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟ قال: يارب، أتستهزئ مِنِّي وأنت رب العالمين؟ فذكر الحديث. وفيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحك، فقالوا: مم تضحك يا رسول الله؟ قال: «من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين، فيقول: إني لا استهزئ منك ولكني على ما أشاء قادر». رواه مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-.
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يومًا يُحدِّث وعنده رجل من أهل البادية: «أن رجلا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع، فقال: أو لست فيما شئت؟ قال: بلى، ولكني أحب أن أزرع، فأسرع وبذر فتبادر الطرف نباته واستواؤه واستحصاده وتكويره أمثال الجبال، فيقول الله -تعالى-: دونك يا ابن آدم فإنه لا يشبعك شيء». فقال الأعرابي: يا رسول الله، لا تجد هذا إلا قرشيًا أو أنصاريًا، فإنهم أصحاب زرع، فأما نحن فلسنا بأصحاب زرع، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. إلى غير ذلك من القصص .........................................................................