وأما قوله: وكل الأحاديث الواردة فيه ضعيفة، ويترجح بأنها موضوعة على لسان رسول الله، ولم يحدث بها.
فجوابه: أن يقال: هذا قول باطل مردود؛ لأن أحاديث المهدي فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وقد قرر ذلك غير واحد من أكابر العلماء، وقد تقدم إيراد ذلك في أول الكتاب فليراجع (?)، وقد ذكرت هناك عن عدد كثير من الأئمة أنهم صححوا بعض أحاديث المهدي، وقال غير واحد منهم أنها متواترة، فليراجع ذلك (?)، ففيه رد على ابن محمود.
وقال ابن محمود في صفحة (29) "مقام المسلم من المهدي": ومقام المسلم منه؛ أولا: أنه لا يجب الإيمان الجازم بخروجه؛ لقوة الخلاف في الأحاديث، فلا ينكر على من أنكره، وإنما يتوجه الإنكار على من قال بصحة خروجه.
والجواب عن هذا من وجوه؛ أحدها: أن يقال: إن مقام المسلم من المهدي على خلاف ما زعمه ابن محمود؛ لأن الإيمان بما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واجب على كل مسلم، وذلك من تحقيق الشهادة بالرسالة، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أخبر بخروج المهدي في آخر الزمان، فوجب على المسلمين الإيمان بخبر الصادق المصدوق -صلوات الله وسلامه عليه-، وقد ذكرت الأحاديث الثابتة في خروج المهدي في أول هذا الكتاب فلتراجع، ففيها أبلغ رد على ابن محمود.
الوجه الثاني: أن يقال: إن الخلاف في أحاديث المهدي لا يعد خلافًا معتبرًا؛ لأنه لم يقل به سوى بعض العصريين المعروفين بالجراءة على رد الأحاديث الثابتة إذا لم تكن موافقة لتفكيراتهم الخاطئة، وأما إمامهم ابن خلدون فقد ضعف أحاديث المهدي إلا القليل منها أو الأقل، وقد رد المحققون على ابن خلدون وخطؤوه في تضعيفه لبعض الصحاح والحسان من أحاديث المهدي، وقد ذكرت كلامهم في الرد عليه في أثناء هذا الكتاب فليراجع (?)، وقد خرَّج الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، وأبو يعلي الموصلي، والطبراني، وابن حبان، والحاكم كثيرًا من أحاديث المهدي، واعتمدوا عليها في إثبات خروجه، وصحح الترمذي وابن حبان والحاكم بعضها، ووافقهم على تصحيحها غير واحد من أكابر العلماء؛ ومنهم العقيلي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والذهبي، وابن كثير، والهيثمي، وزين الدين العراقي، ........................