المثابة فإنه يجب إنكاره والتحذير منه، ولا لوم على الذين يشمأزون من هذه الرسائل والبحوث وينفرون منها وتشتد كراهيتهم لها، وإنما اللوم على من لامهم، وشذَّ عنهم، واتبع هواه بغير هدى من الله.
الوجه الثاني: أن يقال: إنه لا يميل إلى الرسائل والبحوث التي تخالف الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويتلقاها بالرحب وسعة الصدر إلا من هو فاسد العقيدة، وقد قال الله -تعالى-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
الوجه الثالث: أن يقال: كل رسالة أو بحث يقصد به تكذيب الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في خروج المهدي، أو غيره من أشراط الساعة، أو غير ذلك مما هو ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فليس فيه خير ولا علم نافع يتزود منه، وإنما هو ضرر محض ومدعاة إلى الاستخفاف بالأحاديث الثابتة والاستهانة بشأنها، كما هو حال كثير من العصريين.
فصل
وقال ابن محمود في صفحة (29) ما ملخصه "عقيدة المسلم مع المهدي": "لقد عَلِقَ بعقائد العامة وعقولهم وبعض العلماء وجود مهدي في عالم الغيب، لا يعلمون مكانه ولا زمانه، فمنهم من يؤمن به ويصدق بظهوره وينكر على من أنكره، ومنهم من ينكر وجود المهدي بتاتًا، ويطعن في صحة الأحاديث الواردة فيه، ويزعم بأنها مصنوعة ومكذوبة على رسول الله، ولم تزل المناظرة والمجادلة واقعة قائمة بين الفريقين، والحق الذي نعتقده وندعو الناس إلى العلم به والعمل بموجبه هو أنه لا مهدي بعد رسول الله كما أنه لا نبي بعده".
والجواب: أن يقال: ما قرره ابن محمود تحت هذا العنوان من إنكار خروج المهدي وإطراح الأحاديث الثابتة فيه لا يطابق عقيدة المسلم مع المهدي؛ لأن المسلم لا يعارض الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يستهين بها، ولا يعتقد ما يخالفها، ولو أن ابن محمود عبَّر في العنوان بقوله: "عقيدة المنكرين للمهدي" لكان ذلك مطابقًا لما قرره في هذا الموضع.
ويقال أيضًا: أما عقيدة المسلم في المهدي، فهي الإيمان بما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه في عدة أحاديث صحيحة رواها عليٌّ، وابن مسعود، وأبو هريرة، وأبو سعيد ...............