عنه، وقد قال الله -تعالى-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. قال الإمام أحمد: "أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك، ثم جعل يتلو هذه الآية {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} "، وقال أحمد أيضًا: "من رد أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو على شفا هلكة"، وقال أيضًا: "كل ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إسناد جيد أقررنا به، وإذا لم نقر بما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ودفعناه ورددناه رددنا على الله أمره، قال الله -تعالى-: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ". وقد ذكرتُ أقوال بعض العلماء في التشديد على من يرد الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فليراجع ذلك في أول الكتاب (?)، ففيه رد على ابن محمود ومن نحا نحوه في رد الأحاديث الثابتة.
وأما قوله: لاعتقادي أن المهدي وما يقال فيه ليس من عقيدة أهل السنة .... إلى آخر كلامه.
فجوابه: أن يقال: كل ما جاء في الكتاب والسنة من أنباء الغيب فالإيمان به واجب وهو من عقائد أهل السنة؛ ومن ذلك الإيمان بخروج المهدي في آخر الزمان؛ لأنه قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من عدة أوجه أنه أخبر بخروجه، وقد قال الله -تعالى-: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}، وقال -تعالى-: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}. ومن لم يؤمن بخروج المهدي فلا شك أنه فاسد العقيدة، وأن عقيدته في المهدي مخالفة لعقيدة أهل السنة، وقد قال الله -تعالى-: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}.
وقال ابن محمود في صفحة (24): "والذي جعل أمر المهدي يستفحل بين أهل السنة من المسلمين وكان بعيدًا عن عقيدتهم، هو عجز العلماء المتقدمين وكذا العلماء الموجودين على قيد الحياة، فلم نسمع بأحد منهم رفع قلمه، ولا نطق ببنت شفة في التحذير من هذا الاعتقاد السيئ، وكونه لا صحة له، اللهم هل بلغت؟ بل إنهم ينكرون على من يقولون بإنكاره، فيزيدون الحديث علة والطين بلة".
والجواب عن هذا من وجوه؛ أحدها: أن أقول: قد ذكرت مرارًا أن خروج .........