المهدي كلها بالضعف وعدم الصحة، ولا يخفى ما في كلام ابن محمود من التقوُّل على ابن خلدون.
الوجه الثالث: أن يقال: إن ابن خلدون قد توسع في تضعيف أحاديث المهدي، حتى آل به التوسع إلى تضعيف عدة أحاديث من الصحاح والحسان، التي قد حكم بصحتها أو حسنها غير واحد من الأئمة الحفاظ النقاد، الذين لا يدانيهم ابن خلدون في معرفة الأحاديث وعللها، وقد تقدم ذكرهم في أول الكتاب فليراجع (?)، والعبرة بأقوالهم في تصحيح بعض الأحاديث الواردة في المهدي وتحسين بعضها، ولا عبرة بأقوال ابن خلدون وأمثاله ممن ليسوا من أهل الجرح والتعديل، وقد ردَّ غير واحد من العلماء على ابن خلدون وخطَّؤوه في رده لبعض الأحاديث الثابتة في المهدي وحكمه بضعفها، وقد تقدم ما نقلته من كلام جعفر الحسني الإدريسي في كتابه "نظم المتناثر من الحديث المتواتر" فقد قال فيه: "إن كثيرًا من الناس يقف مع كلام ابن خلدون ويعتمده، مع أنه ليس من أهل هذا الميدان، والحق الرجوع في كل فن لأربابه". انتهى (?).
وقد رد أحمد بن محمد الغماري على ابن خلدون في كتابه الذي سماه "إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون"، ورد عليه الشيخ أحمد محمد شاكر في تعليقه على مسند الإمام أحمد، فقال في الكلام على حديث عاصم بن أبي النجود، عن زر، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقوم الساعة حتى يلي رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي»: إسناده صحيح ... إلى أن قال: "أما ابن خلدون فقد قفا ما ليس له به علم، واقتحم قحمًا لم يكن من رجالها، وغلبه ما شغله من السياسة وأمور الدولة وخدمة من كان يخدم من الملوك والأمراء، فأوهم أن شأن المهدي عقيدة شيعية أو أوهمته نفسه ذلك، فعقد في مقدمته المشهورة فصلا طويلا، جعل عنوانه: "فصل في أمر الفاطمي، وما يذهب إليه الناس في شأنه، وكشف الغطاء عن ذلك". تهافت في هذا الفصل تهافتًا عجيبًا، وغلط فيه أغلاطًا واضحة.
فبدأه بأن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار، أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت، يؤيد الدين، ويظهر العدل، ويتبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الإسلامية، ويسمى بالمهدي. ثم قال: ويحتجون في الباب ...........