الوجه الثالث: أن أقول: سأذكر ههنا نموذجًا من أسانيد الأحاديث الثابتة في المهدي؛ ليعلم المنصفون ما في كلام ابن محمود من الخطأ الكبير، والمجازفة القبيحة.

الحديث الأول: قال الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده: حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنا عاصم، عن زر، عن عبد الله -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقوم الساعة حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي». ورواه أيضًا عن عمر بن عبيد الطنافسي عن عاصم، ورواه أيضًا عن يحيى بن سعيد عن سفيان – وهو الثوري–حدثني عاصم فذكره. وهذه أسانيد صحيحة، رجالها كلهم من رجال الصحيحين.

أما سفيان بن عيينة؛ فهو أحد أئمة الإسلام، روى له الجماعة كلهم، واتفق الأئمة على توثيقه، والثناء عليه في الفقه والعلم والورع والحفظ. قال اللالكائي: "هو مستغن عن التزكية لتثبته وإتقانه"، وقال الذهبي: "كان إمامًا حجة حافظًا واسع العلم كبير القدر"، وقال الذهبي أيضًا: "اتفقت الأئمة على الاحتجاج بابن عيينة لحفظه وأمانته".

وأما عمر بن عبيد الطنافسي؛ فقد روى له الجماعة كلهم، ووثقه أحمد وابن معين في رواية عثمان الدارمي عنه، ووثقه أيضًا ابن سعد والدارقطني وابن حبان.

وأما يحيى بن سعيد القطان؛ فهو الإمام الحافظ الحجة، احتج به الأئمة كلهم، وقالوا: من تركه يحيى تركناه، قال الذهبي في "تذكرة الحفاظ": "الإمام العَلَم سيد الحفاظ"، وقال ابن سعد: "كان ثقة حجة رفيعًا مأمونًا"، وقال النسائي: "أمناء الله على حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ مالك، وشعبة، ويحيى القطان"، وقال الخليلي: "هو إمام بلا مدافعة، وكلام الأئمة في الثناء عليه كثير جدًا".

وأما سفيان الثوري؛ فهو أحد أئمة الإسلام، قال الذهبي: "الإمام شيخ الإسلام سيد الحفاظ"، وقال شعبة وابن عيينة وأبو عاصم وابن معين وغير واحد من العلماء: "سفيان أمير المؤمنين في الحديث"، وقال الخطيب: "كان إمامًا من أئمة المسلمين، وعلمًا من أعلام الدين، مُجمعًا على إمامته بحيث يستغني عن تزكيته، مع الاتقان والحفظ والمعرفة والضبط والورع والزهد"، وقال النسائي: "هو أجلُّ من أن يقال فيه ثقة، وهو أحد الأئمة الذين أرجو أن يكون الله ممن جعله للمتقين إماما، وكلام الأئمة في الثناء عليه كثير جدا، وقد روى له الجماعة كلهم".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015