فجوابه: أن يقال: هذا من أوهام ابن محمود؛ فإن هذا القول مذكور عن المختار بن أبي عبيد لا عن عبد الله بن سبأ، قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة": "كان أول أمر المختار أن ابن الزبير أرسله إلى الكوفة ليؤكد له أمر بيعته، فأظهر المختار أن ابن الزبير دعا في السر للطلب بدم الحسين، ثم أراد تأكيد أمره فادَّعى أن محمد بن الحنفية هو المهدي الذي سيخرج في آخر الزمان، وأنه أَمَرَه أن يدعو الناس إلى بيعته، وزوَّر على لسانه كتابا، فدخل في طاعته جمع جم، فتقوى بهم وتتبع قتلة الحسين فقتلهم، فقوي أمره بمن يحب أهل البيت". انتهى.
وذكر الشهرستاني في "الملل والنحل" أن المختار بن أبي عبيد قال بإمامة محمد بن الحنفية بعد علي، ولما وقف محمد بن الحنفية على ذلك تبرأ منه. وقال أبو الحسن الأشعري في كتابه "مقالات الإسلاميين": "الفرقة الثانية منهم- أي من الإمامية- وهم الكيسانية، وهم إحدى عشرة فرقة، وإنما سموا كيسانية؛ لأن المختار الذي خرج وطلب بدم الحسين بن علي، ودعا إلى محمد بن الحنفية، كان يقال له كيسان". ثم ذكر الأشعري عن الفرقة الثالثة من الكيسانية وهي الكربية أصحاب أبي كرب الضرير: "أنهم يزعمون أن محمد بن الحنفية حي بجبال رضوى، أسد عن يمينه ونمر عن شماله يحفظانه، يأتيه رزقه غدوة وعشية إلى وقت خروجه، ومن القائلين بهذا كُثير الشاعر، وفي ذلك يقول .... ثم ذكر خمسة أبيات له". ومنها البيتان اللذان ذكرهما ابن محمود.
وذكر ابن خلكان في كتابه "وفيات الأعيان" في ترجمة محمد بن الحنفية أن الفرقة الكيسانية تعتقد إمامته، وأنه مقيم بجبل رضوى، وإلى هذا أشار كُثير عزة بقوله من جملة أبيات، وكان كيساني الاعتقاد:
وسبط لا يذوق الموت حتى ... يقود الخيل يقدمها اللواء
تغيب لا يرى فيهم زمانا ... برضوى عنده عسل وماء
وكان المختار بن أبي عبيد الثقفي يدعو الناس إلى إمامة محمد بن الحنفية، ويزعم أنه المهدي. وقال الجوهري في كتاب "الصحاح": "كيسان لقب المختار المذكور"، وقال غيره: "كيسان مولى -علي رضي الله عنه-، والكيسانية يزعمون أنه مقيم برضوى في شعب منه ولم يمت، دخل إليه ومعه أربعون من أصحابه، ولم يوقف لهم على خبر، وهم أحياء يرزقون، ويقولون إنه مقيم في هذا الجبل بين أسد ونمر، وعنده عينان ...............