وإذا علم هذا، فما علمت أحدًا من المسلمين قال إن المهدي يأتي بدين جديد، ولا قال أحد من المسلمين إن الدين ناقص وإن إكماله يكون على يد المهدي، ولا قال أحد من المسلمين إن المهدي يأتي بعلم جديد غير العلم الموروث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإذا فما اعتقده ابن محمود ونفى حصوله ووصوله على يد المهدي فكله مبني على التوهم واتباع الظن، وذلك مردود عليه.
وقال ابن محمود في صفحة (14) وصفحة (15): "وإننا بكتاب ربنا وسنة نبينا لفي غنى واسع عن دين يأتينا به المهدي المنتظر، إذ المهدي ليس بملك مقرب، ولا نبي مرسل، وليس ديننا الذي جاء به كتاب ربنا وسنة نبينا بناقص حتى يكمله المهدي".
والجواب عن هذا قد تقدم في الوجه الخامس قبله، وتقدم أيضًا الجواب عن قوله وليس بملك مقرب ولا نبي مرسل، ولا يأتي بدين جديد، مع الكلام على ما ذكره في صفحة (6) فليراجع هناك (?).
وقال ابن محمود في صفحة (15): "إن رسول الله قال في مواقف عرفة حين خطبهم تلك الخطبة الطويلة، فقال فيها: لعلكم لا تلقوني بعد عامي هذا، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به؛ كتاب الله، وفي رواية أخرى: وسنتي، ولم يقل: وتركت من بعدي المهدي، إذ إنه لم يثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث صحيح صريح أنه ذكر المهدي باسمه".
والجواب: أن يقال: من الاعتصام بالكتاب والسنة تصديق ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أنباء الغيب مما مضى وما سيأتي، ومن أنباء الغيب التي أخبر بوقوعها في آخر الزمان خروج رجل من أهل بيته يعمل بالسنة، ويملأ الأرض قسطًا وعدلا كما ملئت جورًا وظلمًا، ويسمى بالمهدي. فيجب الإيمان بخروجه تصديقًا لخبر الصادق المصدوق -صلوات الله وسلامه عليه-.
وإذا كان ابن محمود يعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حث أمته على الاعتصام بالكتاب والسنة، وأخبرهم أن من اعتصم بهما فلن يضل بعدهما فما له يعرض عن الأحاديث الثابتة في المهدي وينبذها وراء ظهره، ويصفها بالصفات السيئة، فأين اعتصامه بالكتاب والسنة؟ أما يخشى من العقوبة الشديدة على مخالفته لأمر رسول ....................................