بسم الله الرّحمن الرّحيم وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله وصحبه وسلّم
أمير المسلمين لهذا العهد بالأندلس، صدر الصدور، وعلم الأعلام، وخليفة الله، وعماد الإسلام، وقدوة هذا البيت الأصيل، ونير هذا البيت الكريم، ولباب هذا المجد العظيم، ومعنى الكمال، وصورة الفضل، وعنوان السّعد، وطائر اليمن، ومحول الصّنع، الذي لا تبلغ الأوصاف مداه، ولا توفي العبارة حقّه، ولا يجري النظم والنثر في ميدان ثنائه، ولا تنتهي المدائح إلى عليائه.
أوّليّته: أشهر من إمتاع الضّحى، مستولية على المدى، بالغة بالسّعة بالانتساب إلى سعد بن عبادة عنان السماء، مبتجحة في جهاد العدا، بحالة من ملك جزيرة الأندلس، وحسبك بها، وهي بها في أسنى المزاين والحلي، وقدما فيه بحسب لمن سمع ورأى.
حاله: هذا السلطان أيمن أهل بيته نقيبة، وأسعدهم ميلادا وولاية، قد جمع الله له بين حسن الصورة، واستقامة البنية، واعتدال الخلق، وصحّة الفكر، وثقوب الذّهن، ونفوذ الإدراك، ولطافة المسائل، وحسن التأنّي؛ وجمع له من الظّرف ما لم يجمع لغيره، إلى الحلم والأناة اللذين يحبّهما الله، وسلامة الصدر، التي هي من علامة الإيمان، ورقّة الحاشية، وسرعة العبرة، والتبريز في ميدان الطهارة والعفّة، إلى ضخامة التّنجّد، واستجادة الآلات، والكلف بالجهاد، وثبات القدم، وقوة الجأش، ومشهور البسالة، وإيثار الرّفق، وتوخّي السّداد، ونجح المحاولة. زاده الله من فضله،