فإنه رضي الله عنه وهو الذي لا يجادل أحد في فقهه - لو كان يرى فيما حدث به أبو هريرة رضي الله عنه مخالفة للقياس واستبعاد أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قاله ما قبله.

ثانياً: دعوى الاضطراب في الحديث، لذكر التمر فيه تارة، والقمح أخرى، واللبن أخرى، واعتباره بالصاع، وبالمثل أو المثلين تارة، وبالإناء أخرى1.

والجواب: أن الطرق الصحيحة لا اختلاف فيها، والضعيف لا يعل به الصحيح2.

ثالثاً: قالوا إن ضمان المتلفات يتقدر بالمثل بالكتاب والسنة، وفيما لا مثل له بالقيمة، وإيجاب التمر مكان اللبن مخالف لما ثبت بالكتاب والسنة، وكذلك فإن فيه تسوية بين قليل اللبن وكثيره فيما يجب مكانه، وهذا مخالف للأصول؛ لأن الأصل أنه إذا قل المتلف قلّ الضمان، وإذا كثر المتلف كثر الضمان، وهنا الواجب صاع من التمر قلّ اللبن أو كثر3.

والجواب عن هذا أن يقال: حديث المصرّاة أصل مستثنى من تلك القواعد، لمعنى يخصه، وبيانه أن اللبن الحادث بعد العقد ملك للمشتري، فيختلط باللبن الموجود حال العقد، وقد يتعذر الوقوف على قدره، فاقتضت حكمة الشرع أن جعل ذلك مقدراً لا يزيد ولا ينقص دفعاً للمنازعة، وإنما خص ذلك بالطعام لأنه قوت كاللبن، وجعل تمراً لأنه غالب قوتهم ولا يحتاج في تقوته إلى كلفة4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015