دلالة الأحاديث السابقة:

يستفاد مما تقدم النهي عن بيع الرجل على بيع أخيه.

وهو أن يستحسن المشتري السلعة ويهواها، ويركن إلى البائع ويميل إليه ويتذاكران الثمن، ولم يبق إلا العقد والرضي الذي يتم به البيع، فإذا كان البائع والمشتري على مثل هذه الحال، لم يجز لأحدٍ أن يعترضه فيعرض على أحدهما ما به يفسد به ما هما عليه من التبايع1. كأن يقول للمشتري: افسخ بيعك لأبيعك بأنقص، أو يقول للبائع: افسخ لأشتري منك بأزيد2.

والنهي عن بيع الرجل على بيع أخيه مجمعٌ عليه بين العلماء3. وقد خصّ بعض الفقهاء النهي بعد استقرار الثمن4. وهذا لا دليل عليه، بل عموم الأحاديث الواردة في هذا الفصل تفيد النهي عنه ولو كان قبل استقرار الثمن، حتى يتركا البيع أو يأذنا له في الدخول معهما في التبايع.

وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه "المؤمن أخو المؤمن، فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه" إشارة إلى أن بيع الرجل على بيع أخيه مخالفٌ لمقتضى الأخوة الإيمانية؛ لأن فيه إضرارًا بأخيه المؤمن وهو سببٌ للبغضاء والعداوة بينهما. والله أعلم.

ولا يدخل في النهي عن بيع الرجل على بيع أخيه نصح أحد المتبايعين إن وقع له غبنٌ فاحشٌ في الثمن5؛ لأن هذا من النصيحة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015