فمما سبق يتبين أن الحديث في الموطأ ضعيف؛ لأن فيه راوياً مبهماً، وأصح ما جاء في هذا المبهم بين مالك وعمرو بن شعيب أنه ابن لهيعة وهو ضعيف، ولم يسمعه من عمرو بن شعيب. والله أعلم.
وقد جاء هذا الحديث من غير طريق مالك، فقد رواه البيهقي1، وابن عبد البر2 كلاهما من طريق إسحاق بن موسى الأنصاري أبي موسى عن عاصم بن عبد العزيز عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن عمرو بن شعيب به.
وعاصم بن عبد العزيز، والحارث بن أبي ذباب تقدم الكلام فيهما3. وأن عاصماً ضعيف، والحارث صدوق يهم.
وكذلك فإن في إسناد البيهقي محمد بن محمد بن سليمان الباغندي الواسطي، كذبه إبراهيم الأصبهاني. وقال ابن عدي: له أشياء أُنكرت عليه من الأحاديث، وكان مدلِّساً يدلِّس على ألوان، وأرجو أنه لا يتعمد الكذب4.
وقال الدارقطني: "مختلط مدلس يكتب عن بعض أصحابه ثم يسقط بينه وبين شيخه ثلاثة، وهو كثير الخطأ".
ووثقه الخطيب وغيره. وقال ابن طاهر: كان لا يكذب، ولكن يحمله الشره على أن يقول حدثنا. وقال الإسماعيلي: لا أتهمه، ولكنه خبيث التدليس ومصحّف أيضاً5.